في الساعاتِ الأولى منْ يومِ الإثنينِ، 6 فبراير/شباط شهدتْ منطقةَ جنوب وشرق تركيا، وشمالِ وغربِ سوريا كارثةً من الكوارثِ الطبيعيةِ، بل ومنْ أكبرِ الكوارثِ في القرنِ الحاليِ، بسبب اتساع المساحةِ الجغرافيةِ للزلزالِ.
فمنذُ حوالي مئةِ عامٍ لمْ تشهدْ المنطقةُ هزةً عنيفةً مثل التي حدثتْ في تركيا وسوريا، والتي سجلتْ، حسبَ مقياسِ ريختر، 7,9 درجات، ثم هزاتٌ متعاقبةٌ ارتداديةٌ بنفسِ الدرجةِ أو أقل قليلاً ساعدتْ على كارثةٍ أخرى أعقبتها هزاتٌ منْ النوعِ الأكثرِ تدميراً للبنيةِ التحتية، والطرقِ والبناياتِ الحديثة، منْ التصدعاتِ التي لمْ تسلمْ منْ السقوطِ نتيجةَ الهزاتِ المتعاقبةِ.
إننا أمامَ مأساةٍ في شمالِ غربِ سوريا بالنسبةِ للوضعِ الإنسانيِ منْ عدمِ وصولِ المساعداتِ الإنسانيةِ والدعمِ اللوجستيِ للدولِ والمنظماتِ الدوليةِ، وحتى منْ قبل النظامِ في “دمشقَ” بسببِ وضعِ بعض المناطقِ تحتَ سيطرةِ فصائلَ منْ المعارضةِ السوريةِ، فقد ضرب الزلزال محافظاتِ “ادلب وريفَ حماة، وحلب ومدن الساحل” بشدة، وهي الأكثر تضرراً، في غيابِ دورِ الأممِ المتحدةِ التي قالتْ إنها لديها مساعداتٌ قبلَ الزلزالِ في هذهِ المناطقِ.
الأسوأِ أنَ هذهِ المناطق تشهدُ طقساً سيئاً وتساقطَ ثلوجٍ وانخفاضاً حاداً في درجاتِ الحرارةِ وصلَ صباحَ اليومِ التالي لوقوعِ الزلزالِ إلى درجات حرارة تحتَ الصفرِ، ورغم قلةِ معداتِ الدفاعِ المدنيِ في شمالِ غربِ سوريا، ترى الأهالي وطواقم الدفاع المدني السورية يسارعونَ معَ الزمنِ لإنقاذِ المئاتِ تحتَ الأنقاضِ في ظروفِ طقسٍ سيئٍ .
إننا أمامَ أزمةٍ حقيقة في إرسال المساعداتِ الإنسانيةِ في المناطقِ المنكوبةِ في الشمالِ الغربيِ في سوريا، وحيث تواجه المنظمات الإغاثية صعوبة في الوصول للمتضررين من الزلزال.
لذلك يجب أن نناشد الضمير العالمي والإنسانية الضغط على النظام السوري لفتح المعابر لوصولِ المساعداتِ والمعداتِ لإنقاذِ ما تبقى من الأهالي تحتَ الأنقاضِ أحياء أوْ موتاً.
إن التغييرات الجيوفيزيائية والاجتماعية والاقتصادية هائلة، ومن شأنها أن تكون وبالاً على الجميع.
فالمستقبل أسوأ للبشرية، من حروب، ومناخ، وأوبئة وصراعات، ومجاعات، وشح مائي وتصحر، رغم أن البشرية استطاعت أن تتكيف مع التغيرات الجيوفيزيائية، ولكن الكرة الأرضية تشهد دورة جديدة من تغييرات بسبب الاحتباس والاحترار العالمي، حيث تتحدث التوقعات عن اقتراب العصر الجليدي، أو انفجار بركاني هائل، أو الاصطدام بأحد الكويكبات، قد يولِّد لدينا قلقاً عابراً نتيجة لتلك الأحداث المتعاقبة.
إن التفكير الجماعي في الأخطار المستقبلية، التي تهدد كوكبنا وجنسنا البشري، كفيل تماماً بأن يصيبنا بنوبات اكتئاب حاد، وفي الوقت نفسه يتأرجح كوكبنا على حافة العصر الجليدي القادم.
كما أن هناك كويكبات تبلغ من الحجم ما يكفي للقضاء على رُبع الجنس البشري، لا تزال تندفع بسرعة عبر مدار الأرض، بينما لا يدري أحد متى سنكتشف المُذَنَّب الكبير التالي المتجه نحونا.
لقد أعطتنا كارثة “تسونامي” في المحيط الهندي لمحة عن مدى التأثير المفزع للطبيعة على عالمنا الذي لا يزداد إلا ازدحاماً.
كل هذه الكوارث الطبيعية المرتقبة حتماً ستؤدي إلى وفاة الملايين، وإحداث اضطراب هائل في المجتمع العالمي، لذلك وجب التكاتف بعد أن بلغت بنيتنا الاقتصادية والاجتماعية مبلغاً من الترابط والتشابك نتيجته أن زلزالاً واحداً يضرب منطقة جغرافية كفيل بأن يؤديَ إلى كارثة اقتصادية عالمية.
إنَ وقوعَ زلزالِ تركيا الكارثةِ التي لمْ تشهدها تركيا منذ زمن، قد تكون رسالة موجهة للبشرية جمعاء بضرورة التوحد للتغلب على الكوارث الطبيعية التي تهددهم. !!