يرفض العديد من المثليين الجنسيين فكرة العلاج من الأساس وذلك بسبب الضغط عليهم والالحاح في مسألة وجوب العلاج, أو الخوف من فقدان المتعة في الشعور الذي يشعرون به تجاه الغريزة الجنسية.
قال الدكتور روبرت سبيتزر ، أستاذ الطب النفسي في جامعة كولومبيا ، إنه بدأ دراسته كمشكك – معتقدًا ، كما تفعل منظمات الصحة التفسية الرئيسية ، أن التوجه الجنسي لا يمكن تغييره ، ومحاولات القيام بذلك يمكن أن تسبب ضررًا.
لكن دراسة سبيتزر ، التي لم يتم نشرها أو مراجعتها بعد ، يبدو أنها تشير إلى خلاف ذلك. يقول سبيتزر إنه تحدث إلى 143 رجلاً و 57 امرأة يقولون إنهم غيروا توجههم من المثليين إلى المستقيمين ، وخلصوا إلى أن 66 في المائة من الرجال و 44 في المائة من النساء وصلوا إلى علاقة مستدامة ومحبة من جنسين مختلفين. (الطبيعة الجنسية)
لكن عالم النفس دوغلاس هالدمان, كان معترضًا على هذه الدراسة قائلًا: “يحاول الناس تغيير توجههم الجنسي ليس بسبب وجود خطأ في التوجه الجنسي ، ولكن بسبب عوامل اجتماعية ، وبسبب العقيدة الدينية ، وبسبب الضغط من الأسرة”.
لكن سبيرتز لم يعترض على ذلك وقال: “ليس هناك شك في أن العديد من المثليين الذين فشلوا، والذين يحاولون التغيير ، يصابون بالاكتئاب وتصبح حياتهم أسوأ”. “أنا لا أعارض ذلك. ما أعترض عليه هو أن النتيجة هي دائمًا غير ثابتة”.
وقال سبيرتز، أن العديد من رعاياه كانوا يائسين وحتى انتحاريين ، للسبب المعاكس – “بالضبط لأنهم ظنوا في السابق أنه لا يوجد أمل لهم ، وقد أخبرهم العديد من المتخصصين في الصحة النفسية أن لا أمل لهم في العلاج ، وعليهم فقط أن يتعلموا العيش مع مشاعرهم المثلية “. (وكأن الأطباء النفسيين ساعدوا على عدم العلاج بسبب معتقداتهم الخاطئة نحو علاج المثلية الجنسية من عدمه)
وقال إن البعض يتطور لديهم مثل هذا الضغط الهائل لدرجة أنهم يصابون بالاكتئاب المزمن أو الانسحاب الاجتماعي أو حتى الانتحاري ويرى أن بعض المثليين يبذلون بعض الجهد ، عادة لبضع سنوات ، يلقومون بالتغيير. ويرى أن الإناث من المثليين الجنسيين لديهم مرونة أكبر في التغيير بشكل أسرع من الذكور.
قلت: أرفض العلاج النفسي الذي يخضع المثليين الجنسيين للعلاج النفسي القديم, سواء بالتحليل النفسي أو العلاج بالصدمات الكهربائية وغيرها من العلاجات التي توحي في بواطنها العذاب النفسي أو الجسدي ,
ولكني أرى أن العلاج السليم في طيه يكون السبب, فإذا عملت نقيض العلاج فإنك ستساعد على ظهور هذه الظاهرة من المثلية الجنسية وزيادتها, والعلاج يشمل العلاج السلوكي والنفسي والاجتماعي, والتربوي, والأخلاقي, متمثلًا فيما يلي :
أولًا .. الهوية الجنسية: علينا أن نفرق بين نوع الجنس (Sex) ذكراً أو أنثى وهو ما تُظهره أعضاؤه الجنسية، وما يُعرف بالهوية الجنسية (Gender)، وهي الصور الذهنية الجنسية عن الذات، وهي المقصودة هنا, بحيث على الآباء والمعلمين أن ينموا الهوية الجنسية لدى الذكر أو الأنثى, وذلك من خلال تنمية معاني الذكورة لدى الذكر, ومعاني الأنوثة لدى الأنثى, والاختلاف بينهما.
وذلك بإنشاء دائرة هوية الإنسان الجنسية سواء بالملبس الخاص بكل جنس أو الألعاب التي تنتمي لجنس معين, أو دائرة الأصدقاء والمعارف والمجتمع لدى كل جنس من الطرف الآخر. وتمثل هذه النقطة أهمية بالغة في مراحل ما قبل البلوغ. ومهم جدا ألا يحاول الآباء أو المعلمين الاستهزاء بهوية أحد الأبناء الجنسية من المعايرة أو السخرية تجاههم.
وعلى الآباء مراجعة الأطباء المختصين في الهرونات بشكلٍ مسمتر وسواء قبل البلوغ أو بعده وحتى قبل الزواج لضبط هذه الهرومونات لتدعيم الهوية الجنسية, ولا يوجد علاقة بين الهرومونات وتأثيرها على النوعية الجنسية, بل تتأثر بها النفسية الجنسية جراء المفهوم الخاطئ نحوها.
ثانيًا.. التوعية الجنسية: وهنا علينا أن نلاحظ وصول الأولاد مرحلة البلوغ, فنقوم بتوعية كلًا منهما بأعضائه الجنسية, وكيفية مرور فترة البلوغ والتعامل معها, وأن نوجه غريزتهم نحو الجنس الآخر بتنمية دافع الحب والوصال مع الجنس الآخر لاكتمال دائرة جنسه, مع مراعاة وضع الحدود والشروط التي تدير علاقة صحيحة من زمالة أو صداقة أو حتى علاقات الاحتياج العاطفي التي يمر بها المراهقون مع بعضهما البعض.
ثالثًا.. شمل الأسرة: على الآباء والأمهات أن يتعاونوا سويًا على شمل أسرتهم, وألا يتجاهل أحدهما أبنائه, وأن يفرقوا بين الرعاية والتربية وإبداء المشاعر, فإن كانت الرعاية تهتم بالأكل والشرب واللبس, والتربية تهتم بالقيم والأخلاق, فإبداء المشاعر يزيد أهمية عنهما في التعبير عن مشاعر الحب والامتنان والاهتمام بالأبناء والاحتواء لهم, والإشباع الوجداني لهم.
وينبغي على تربية الأسرة لأبنائهم أن يرسخوا لديهم ملكية الجسد وعدم السماح للعب به من قبل الآخرين.
في دراسة اعترف 84% من المثليين الذكور أن والدهم كان غير مكترث وغير مبالٍ بهم في صغرهم مقابل 10% فقط للغيريين (أي الذين يمارسون الجنس مع الجنس المغاير).
رابعًا.. دائرة الأقارب والأصدقاء : على الآباء والمعلمين البحث والتقصي في هذه الدائرة باستمرار دون ملاحظة الأبناء لذلك, لعل في وجود بعض الأقارب والأصدقاء ما يدعمون المثلية الجنسية, وفي هذه الحالة عبر شمل الأسرة وتدعيم دور التعليم أن ينصح الأبناء بالابتعاد عنهم وكيفية التعامل مع مثل هؤلاء وعدم تواجدهم بدائرتهم منفريدن بهم حتى ولو كانوا من الأقارب.
فكم من مثليي الجنسية يعترفون بأنهم تم الاعتداء عليهم من قبل أقاربهم أو أصدقائهم أو حتى من يعملون لديهم من الخدم والحراس وهم صغارًا, أو حتى كان هناك تلميحًا من بعيد تجاه الاقتراب الجسدي من قبل هؤلاء, وهو سبب رئيسي للشذوذ الجنسي بدعوى الانتقام النفسي.
خامسًا.. البيئة المفتوحة: والمقصود هنا عدم الترويج للعزلة الجنسية لنفس النوع من الجنس, فقد ثبت أن الشذوذ الجنسي يزداد وسط البيئة المغلقة من نفس نوع الجنس, كالسجون, والمعتقلات, والمعسكرات, والمدارس والجامعات المغلقة بجنسٍ واحد, أو المدارس والجامعات المنعزلة اجتماعيًا لحين الانتهاء من فترة الدراسة. وعلى الآباء والمعلمين ومسؤولي الدول أن يجدوا في ذلك حلول بديلة لخلط نوع الجنس مع نقيضه في وسط مجتمعي ذو قيم.
سادسًا.. تقوية الجانب الحياتي: على الآباء والمعلمين توفير بيئة مناسبة تدعم ملء أوقات الفراغ بالشكل الإيجابي, من توفير إشتراكات في الأندية الصحية, وتوفير فرص للرياضة, والاستثمار في القراءة وتعلم اللغات والتعليم الذاتي والتثقيف, ومحاولة خلق دافع لدى الأبناء للبحث عن قضية يؤمن بها هؤلاء الأبناء ويعيشون من أجلها, للشعور بالاتنماء الذاتي والوجداني والأسري والمجتمعي, مما يدعم ثقة الفرد بنفسه.
سابعًا.. التربية الدينية: والمقصود منها هو التربية على بواطن ومقاصد الدين, فليس من الصحيح تربية الأبناء على الصلاة والصوم سلوكيًا أو وراثيًا, وإنما تكون التربية معرفية أولًا بأهداف الصلاة ومقاصد الصوم, ومنها مقاصد الاكتفاء بالجنس الطبيعي بين رجلٍ وإمرأة في واقعة الزواج. وشرح كامل وتفصيلي عن هذه العلاقة كما جاءت في التربية الدينية لها من مقاصد. بعيدًا عن أي تطرف ديني أو فهم مغلوط أو فرض رأي معين. فما عليك إلا البلاغ المبين. ومن هنا أيضًا يمكننا أن نفعل دور التربية الأخلاقية وكيفية معرفة معايير الأخلاق الاجتماعية, فالدين معاملة.
ثامنًا.. تعزيز الموقف الإعلامي: على الإعلام أن يُعزز ما سبق سواء في برامجه التوعوية أو أفلامه ومسلسلاته, وكافة ما يُعرض عليه, والجدير بالذكر أن للإعلام دور سلبي في ذلك نبينه على النحو التالي:
من الملاحظ أن الإعلام يقوم في الفترة الأخيرة بحملة تأنيث الرجل وتذكير الأنثى, وذلك من خلال أفلامه ومسلسلاته, بقلب موازين الطبيعة الجنسية, فيدعوا لاستقلال المرأة دون الحاجة للرجل في ظل إظهار قوتها, وللأسف معايير نجاح المرأة وقوتها هي معاييير ذكورية, وأما للرجال فنلاحظ زيادة دعاوي ديوثية الرجل وإلا اتهم بالتخلف والرجعية, بل وزيادة تأنيثه عبر المعايير الأنثوية التي عليه أن يتبناها بعيدًا عن الرجعية الشرقية
يقوم الإعلام بنظرية التركيز على قضية الشذوذ الجنسي كمادة إعلامية يكسب من وراءها لقمة عيشه, ويزيد بها عدد مشاهدات الجمهور, مما يتلقى الجمهور الخبر بشكلٍ صادم فيترسخ لدى العقل الباطن, وما هو ممنوع فهو مرغوب, والفضول يدعوا المشاهد للاقتراب من الشذوذ الجنسي.
يقوم الإعلام بنظرية مضادة وهي نظرية المقاومة, فبعد أن تأكد من وصول الخبر للجميع واستعداد الجمهور لرفع نسبة المشاهدة, يقوم بحملة معاكسة ضد الشذوذ الجنسي, كما يفعل مع قضايا أخرى كالإرهاب والمخدرات, فتجد جميع البرامج تستضيف من يحاربون الشذوذ الجنسي أو نظيرهم مما يدعون إليه, ولكن هذه النظرية تنص على قانون: “كل ما تقاومه سيزداد في حياتك” فكلما ستقاوم الإرهاب والمخدرات والشذوذ الجنسي سوف يزداد كلًا منهما بحكم التعاطف أو الانتقام أو الفضول البشري
ومن ثم على الإعلام أن يركز على ما يريد, لا ما لا يريد, فيمكن للإعلاميين أن يركزوا على الجانب الإنساني في قضية الزواج ورفع وعي المجتمع في قضية الذكور والإناث والعلاقات بينهم, بدلًا من تركيزه على الشذوذ, فهو في محاولة باطنيه له يقوم بالترويج بشكلٍ غير مباشر للشذوذ وتعرف هذه النوعية بالتسويق السلبي, أو التسويق المضاد.
انتهت سلسلة مقالتنا عن المثلية الجنسية ، ونتمنى من الله أن نكون وفينا في هذا الموضوع ليستفيد البعض منه.