نص كلمة الرئيس السيسى أمام قمة المناخ «COP27»

نص كلمة الرئيس السيسى أمام قمة المناخ «COP27»

متابعه:سعيدسعده

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، كلمة بالشق الرئاسى بالجلسة الافتتاحية، لقمة شرم الشيخ، لتنفيذ تعهدات المناخ COP27
وفيما يلى نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.
السيدات والسادة،
بدايـة، أود أن أرحب بكم جميعًا فى مصر التى أود أن تعتبروها جميعًا بلدًا ثانيًا لكم، يسعده استضافتكم ويرحب بتواجدكم على أراضيه، ويهتم بالعمل معكم من أجل تعزيز قيم التعاون، والعمـل المشـترك فى شـتى المجــــالات.
إننا نجتمع معًا اليوم، للتباحث بشأن إحدى أكثر القضايا العالمية أهمية وإلحاحًا، وهى مواجهة تغير المناخ من خلال أعمال الدورة السابعة والعشرين، لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP-27 الذى ينعقد فى دورته الحالية بمدينة “شرم الشيخ” مدينة السلام وأولى المدن المصرية، التى تعـرف طريقها نحو التحول الأخضر والتى تتعلق بها أنظار وعقول العالم، لمتابعة وقائع مؤتمرنا وما سيسفر عنه من نتائج، تساهم فى تحول مصائر ملايين البشر نحو الأفضل وفى خلق بيئة نظيفة ومستدامة ومناخ أكثر استجابة لمتطلبات الشعوب وظروف مواتية للحياة والعمل والنمو دون إضرار بموارد عالمنا، التى يتعين العمل على تنميتها واستثمارها، وجعلها أكثر استدامة.
إن الملايين التى تتابعنا اليوم، كما تابعت قمتنا العام الماضى من نساء ورجال وشباب وأطفال مزارعين وعمال وأصحاب أعمال بشر من سائر أنحاء كوكبنا يشتركون فى مصير واحد، وهدف واحد منهم من يتواجدون معنا هنا ومنهم من هم خارج هذه القاعات وأمام الشاشات يطرحون علينا أسئلة صعبة، ولكنها ضرورية أسئلة يتعين علينا أن نسألها لأنفسنا، قبل أن توجـه إليـنا.
هل نحن اليوم أقرب إلى تحقيق أهدافنا من عام مضى؟ هل استطعنا خلال عام منصرم، أن نتحمل مسئولياتنا كقادة للعالم، فى التعامل مع أخطر قضايا القرن وأشدها تأثيرًا؟ والسؤال الأهم، الذى يتعين أن نوجهه لأنفسنا: هل ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف، يقع فى نطاق الممكن؟
بلا شك، إنه ليس مستحيلًا ولكن إذا توافرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخى المشترك وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتائج إلى واقع ملموس.
أثق فى أنكم هنا اليوم، من أجل الإجابة عن تلك الأسئلة، والرد على شواغل الملايين حول العالم الذين يعانون الآن، أكثر من أى وقت مضى، من كوارث مناخية تتسارع وتيرتها وتزداد حدتها، على نحو غير مسبوق، يومًا بعد يوم، فى شتى أنحاء كوكبنا فما تلبث أن تنتهى كارثة فى مكان ما، حتى تبدأ أخرى فى مكان آخر مخلفة وراءها، آلاف الضحايا والمصابين والنازحين ومسببة خسائر مادية بالمليارات وكأن العالم قد أصبح مسرحًا، لعرض مستمر للمعاناة الإنسـانيـة فى أقسـى صـورها.
وهنا علينا أن نتوقف، لنطرح نحن على أنفسنا تساؤلًا ملحًا: أما آن لهذه المعاناة أن تنتهى؟
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن ما يحتاجه عالمنا اليوم، لتجاوز أزمة المناخ الراهنة وللوصول إلى ما توافقنا عليه، كأهداف فى “اتفاق باريس” يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات إن ما تنتظره منا شعوبنا اليوم، هو التنفيذ السريع والفعال والعادل تتوقع منا شعوبنا خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيف، مع تبعات تغير المناخ وتوفير التمويل اللازم للدول النامية، التى تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة من هذا المنطلق؛ فلقد حرصنا على تسمية هذه القمة: “قمة التنفيذ” وهو الهدف الذى يجب أن تتمحور حوله، كافة جهودنا ومساعينا.
وعلى الرغم من كافة التحديات، التى واجهناها خلال الفترة الماضية، ولا نزال نواجهها فضلًا عن جميع العوامل، التى أعلم أنها تلقى بظلال من الشك وعدم اليقين، إزاء قدرتنا على الوصول إلى أهداف “اتفاق باريس”، وحماية كوكبنا من مستقبل، يصل فيه ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين ونصف، بل ثلاث درجات مئوية على الرغم من ذلك كله، فإن هناك شواهد وعوامل أخرى، تدعونا إلى التمسك بالأمل فى قدرة البشرية، على صنع مستقبل أفضل لأجيال قادمة، لا يجب عليها أن تتحمل نتائج أخطاء لم ترتكبها وفى شعوب باتت أكثر وعيًا ودراية، بحجم التحدى ومتطلبات مواجهته، وبالثمن الباهظ للتقاعس أو التراجع والأمل أيضًا فى حكومات، تعلم ما يتعين عليها القيام به، وتسعى بالفعل إليه، وفقًا لقدراتها وإمكانياتها وفى قطاع أعمال عالمى ومجتمع مدنى، أصبح يمتلك من الأدوات، ما يؤهله للعب أدوار مهمة فى هذا الإطار.
ولقد وضعنا فى مصر نصب أعيننا، أهدافًا طموحة عبرنا عنها فى “استراتيجية مصر الوطنية لمواجهة تغير المناخ”، ونعمل بدأب، على الإسراع من وتيرة التحول الأخضر، من خلال التوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف واتخذنا خطوات ملموسة، نحو إحداث تحول هيكلى، فى القوانين والتشريعات وآليات العمل الحكومية، بما يسـاهم فى تعزيـز الاسـتثمارات الخضـراء ولعل البرنامج الوطنى للاستثمار فى مشروعات المياه والطاقة والغذاء “نوفى” الذى أطلقته مصر مؤخرًا هو تجسيد لهذا الطموح، وهذا التوجه وإن ما تشهده مصر اليوم، من تحول نحو الاقتصاد الأخضر منخفض الانبعاثات، فى كافة المجالات هو ترجمة عملية لما نادينا وننادى به، من ضرورة التنفيذ الفعلى على الأرض وخير دليل على أن الأمل فى التغلب على تحدى تغير المناخ، لا يزال قائمًا، إذا ما توافرت الإرادة والعزيمة.
ولعلكم تتفقون معى، أنه إذا كنا نرغب حقيقة، فى السير معًا نحو مستقبل، نضمن فيه أن تبقى درجات الحرارة، عند مستوى ما دون الدرجتين مئوية وإذا كنا بالفعل عازمين، على صنع مستقبل للجميع وبالجميع.
فإن واجبى يحتم على، أن أصارحكم ببعض الشواغل، التى لابد ألا نغفلها أو نتناسى وجودها وهى أن قدرتنا كمجتمع دولى، على المضى قدمًا، بشكل موحد ومتسق، نحو تنفيذ التزاماتنا وتعهداتنا، وفقًا لاتفاق
باريس، إنما هى رهن بمقدار الثقة، التى نتمكن من بنـائها فيما بينـنـا ومن ثم، فإنه من الضرورى أن تشعر كافة الأطراف من الدول النامية خاصة فى قارتنا الأفريقية أن أولوياتها يتم التجاوب معها، وأخذها فى الاعتبار وأنها تتحمل مسئولياتها، بقدر إمكانياتها، وبقدر ما تحصل عليه، من دعم وتمويل مناسبين، وفقًا لمبدأ المسئولية المشتركة متباينة الأعباء بما يتيح لها، درجة من الرضا والارتياح، إزاء موقعها فى هذا الجهد العالمى، لمواجهة تغير المناخ وإن ذلك لن يتأتى سوى من خلال تهيئة مناخ من الثقة المتبادلة يكون محفزًا وداعمًا، لمزيد من العمل البناء ولن يتأتى أيضًا، بدون قيام الدول المتقدمة، بخطوات جادة إضافية، للوفاء بالتعهدات التى أخذتها على نفسها، فى تمويل المناخ ودعم جهود التكيف والتعامل مع قضية الخسائر والأضرار الناجمة، عن تغير المناخ فى الدول النامية والأقل نموًا على نحو يضمن صياغة مسارات عملية، لتحقيق الانتقال المتوازن نحو الاقتصاد الأخضر ويراعى الظروف والأوضاع الخاصة لهذه الدول.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن وجودكم هنا اليوم، هو فى حد ذاته رسالة تأكيد، على الاهتمام الذى تولونه لعمل المناخ العالمى والذى أرجو أن ينعكس، فى اتساق مواقف دولكم، مع عنوان قمتنا وهو: “التنفيذ” وأتوجه اليوم إليكم مناشدًا، أن تكون رسائلكم إلى العالم – الذى يتوقع منا الكثير – رسائل واضحة تتضمن خطوات محـددة، لتنفيـذ الالتزامـات والتعهدات
مقترحًا عليكم، الإعلان عن المزيد من المساهمات المحددة وطنيًا ورفع طموح استراتيجياتكم لخفض الانبعاثات وإطلاق مبادرات طموحة وفعالة، تجمع كافة الفاعلين، حول أهداف واضحة فى التكيف والتمويل ومتابعة تنفيذ ما تم إطلاقه من مبادرات فى السابق، والانضمام إلى المبادرات الجديدة، التى تعتزم مصــر إطلاقها علـى مـدار أيام المؤتمـر والأهم من ذلك كله، أن تكون توجيهاتكم لمفاوضيكم، الذين يستعدون الآن لبدء أسبوعين من المفاوضات المهمة هى التحلى بالمرونة، والعمل على بناء الثقة والتوافق للخروج بالنتائج، التى أعلم أنكم كقادة للعالم، تريدون الخروج بها من هذا المؤتمر.
إن الأمل الذى أحدثكم عنه اليوم، ليس أمل التمنى، بل هو أمل العمل والقدرة على الفعل لقد استطاعت الكثير من دولنا، على مدار عام مضى، أن تكون نماذج مضيئة، لهذا العمل وهذه القدرة ماضية نحو الأمام، فى تنفيذ تعهداتها والتزاماتها، بالرغم من كافة الصعاب، وإننى أدعوكم من هنا، أن نحتذى بهذه النماذج وألا نسمح لأى عوامل، أن تحد من عزيمتنا، أو تضعف من قدرتنا، على مواجهة تحدى تغير المناخ الذى لن يتراجع أو يتوقف دون تدخل منا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن الوقت يداهمنا ونهاية هذا العقد الحاسم، باتت على بعد سنوات قليلة، علينا أن نستغلها لنحسم خلالها هذه المعركة، على النحو الذى نريده ونرتضيه حان الآن وقت العمل والتنفيذ لا مجال للتراجع أو التذرع بأى تحديات لتبرير ذلك حيث إن فوات الفرصة، هو إضاعة لإرث أجيال المستقبل، من أبنائـنـا وأحفـادنـا وإننى أثق فى حكمتكم، وفى إدراككم، لهذه اللحظة المصيرية من عمر كوكبنا وأعلم أننا جميعًا، أهل للمسئولية الملقاة على عاتقنا لنمضى الآن معًا، نحو “التنفيذ” ولا شيء غير “التنفيذ”.
أشكركم، وأتمنى لنا جميعًا، دورة موفقة وناجحة.

يسعدنا ويشرفنا مرورك وتعليقك