نبذة من حياة بحار

نبذة من حياة بحار

بقلم / حسام الزغبى

اعمل فى البحر منذ أكثر من عشرين عاما
وبالأمس اكتشفت ان كل قلوب البحارا عبارة عن قلوب من ذهب .. واجهت الغرق فعليا عام 2007 فى خليج العقبة وكنت امزح ولا ابالى وكأنى فى نزهة ومرة فى البحر الاسود فى طريقنا إلى روسيا ومرة فى المحيط الاطلنطى ومرات ومرات من هذا القبيل ولم تهتز شعرة واحدة من جسدى ولم أشعر بالخوف لحظة واحدة حتى اننا نسخر من الموت نفسه ونواجهه دون أن نعبأ به ولذلك بقينا على قيد الحياة لأن الله أراد لنا هذا وكنت اظن ان قلوبنا لا تهتز حتى من الموت نفسه فكيف تهتز ممن هو دون الموت .. حتى حدث معى موقفين.. الاول كنت فى بلجيكا سنة 2010 واصفها بالسنة وليس بالعام وقد وصلت مطار بروكسل يوم خميس وجائنى السائق التابع للتوكيل الملاحى لتوصيلى إلى ميناء انتيويرب وصلت الباخرة مساء الخميس وقضيت ليلتى فى الباخرة ثم صحوت مبكرا على مكالمة من ابى بأن والدتى مريضة جدا فأتصلت بأعز الأصدقاء وو
صلت والدتى المستشفى بعدها اتصلت بصديقى فحدثنى بإنهاء سوف تحتاج عملية بسيطة بالمنظار لربط المرئ مدتها 10 دقائق ليس إلا وهى شئ بسيط فاطمأن قلبى .. واصلت عملى وبعد الساعة الخامسة قلت لنفسى سوف اذهب الى نادى البحارا اتصل لأطمئن على والدتى حيث أن رصيدى فى الموبايل قد نفذ ثم بعدها اخذ جولة فى المدينة واحتسى بعضا من الشراب الساخن حيث أن الطقس كان قاسي البرودة .. وعندما وصلت النادى حاولت الاتصال اكثر من مرة فعلمت بوفاة امى ولم أكن اتوقع هذا حيث وانا فى الطريق قلت لنفسى سوف امزح معها واقول لها كلاما لطيفا فقلما كنت امازحها ولكن صعقت بخبر وفاتها صرخت بصوت عالى هز أركان النادى ( امى ماتت ) وفقدت الوعى فى الحال ولكن كان هناك بعض من زملائي على الباخرة حدثوا إدارة النادى الذى احضر لى سيارة واخذونى على الباخرة وأثناء سيرى رجعت لوعيي ثانيا وتذكرت موت امى فشعرت بقلبي وكأنه ينخلع من مكانه حرفيا فصرخت من ألم القلب والم الفراق الذى تمنيت بسببها الموت حقا حيث كان الألم أشد من احتمالى ..وتمر السنوات حتى الأمس ويتلقى احد الضباط معى خبر وفاة والده ويحدث معه ما حدث معى وكان منه ما كان منى فحدثت نفسى بعد أن صعب على السيطرة على عبراتى وقلت لنفسى ( أناس لا يأبهون بالموت ولا يهابونه ويسخرون منه وتبكى قلوبهم لبكاء طفل هم فعلا أناس يستحقون الحياة ) نحن عالم مختلف عن عالم اليابسة نحن أناس بقلوب من ذهب .. فقلوبنا مرنة كمرونة الماء قاسية على القساة لينة مع الطيبين ونقية كنقاء البحر الذى نبحر فيه فمياه البحار لا تعيش فيها الاوبئة .

رأيان حول “نبذة من حياة بحار

  1. اكتب لها بنبض خالص ربما الحنين يأتي بها كانت مأوي أمن لخوفك ذات يوم وصدق مشاعرها لم تضاهيه مملكه من بقايا نسائك تلك العاشقة تنتظر !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *