الذكرى الأولى للحرب الروسية الأوكرانية؛ وتداعيات الحرب علي النظام العالمي والاقتصاد وسلة الأمن الغذائي، صراع جيوسياسي- إستراتيجي في قطعة جغرافية تعيد ترسيم خريطة جديدة لمنطقة أوراسيا، (زبغنيو بريجنسكي)، مستشار الأمن القومي السابق في الولايات المتحدة، يتصدى للإجابة عن هذا السؤال في كتابه 《لعبة الشطرنج》 الذي يستشرق المستقبل، ويتشبع بدروس الماضي. بعد انهيار حائط “برلين وسقوط وتفكك الاتحاد السوفييتي” ومع بلوغ القرن العشرين نهايته، تبرز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى وحيدة في العالم، حيث لم يسبق لأية دولة أخرى من قبل أن حازت قدرات عسكرية واقتصادية مماثلة، أو كانت لها مصالح تتوزع على العالم كله مثل الولايات المتحدة،. وفي ظل الوضع الراهن بعد عام من الحرب، السؤال الحرج الذي يواجه أمريكا يظل دون إجابة…؟!
ما هي الاستراتيجية العالمية، التي ينبغي لأمريكا اتباعها، من أجل المحافظة على وضعها الاستثنائي في العالم…؟!
هل إشعال فتيل حرب ضد أي قوة تحاول الصعود والمنافسة أو تحافظ علي أمنها القومي…؟
هل سوف يكون مصيرها الدخول في حرب تقضي عليها…؟!
لقد استطاعت أمريكا أن تشيطن النظام الروسي في صورة متعطش ديكتاتوري قاتل، يبحث عن أحلام اجدادة من ” بطرس الأعظم وكاترين الثانية ” في الإرث القديم من محاولة استعادة الحدائق الخلفية لروسيا القيصرية في أوكرانيا (روسيا الصغرى ودول البلطيق والقوقاز) ومع جيرانها وتصورها على أنها صراع بين أهل “الشر والخير، والديكتاتورية والديمقراطية” واستطاعت اللعب في البداية باستخدام الإله الإعلامية. بشيطانة المطالب المشروعة لروسيا بحماية الأقليات العرقية في جنوب وشرق أوكرانيا واتفاقية “منسك” الخاصة بجزيرة القرم والمنفذ الوحيد لها بحريا للعالم والتجارة والوصول للمياه الدفيئة عن طريق البحر الأسود … واعتراضها في التوسع شرقا لحلف “الناتو” حق ومطلب شرعي للدول كما تفعل في ظل الأمور المشتعلة في فتح ملف انضمام (السويد وفلندا) للحلف الجارتين لروسيا ولم تعلم أمريكا أن الجغرافيا والتاريخ لهم حسابات أخرى، وان روسيا جزء من الكتلة اليابسة المتجانسة جغرافيا من أوروبا… إن استعراض القوة العسكرية وجميع أنواع الأسلحة القديمة والحديثة في الحرب واستخدام القوة المفرطة في الحرب أدت إلى تهجير حوالي/ 8 ملايين مهاجر أوكراني إلى أوروبا، إن تداعيات الأزمة على اقتصاديات العالم وخاضتا الدول الهشة اقتصاديا في بعض البلدان. إلى العجز والتضخم والركود الاقتصادي وأزمة في سلة الغذاء العالمي وشعوب تعاني من الفقر والجوع بسبب الحرب. كل ذلك من أجل أن تصبح أمريكا. منفردة على العالم لقد غاب في المشهد هروب دول كبرى، ودول صاعدة مثل الصين والهند والبرازيل في البعد عن تدخلهم في وقف الحرب بالطرق الدبلوماسية رغم العلاقات الكبيرة بينهم. ولقد نجحت أمريكا في عزل الصين عن التدخل لصالح روسيا، بفتح ملف “تايوان” في ظل بداية الحرب مع الصين الحليف الاستراتيجي لروسيا، كما نجحت من قبل أمريكا في عزل الصين والتقارب الأمريكي في ظل وجود الاتحاد السوفييتي وكان السيد/ هنري كيسنجر مهندس العملية في عزل المارد الشيوعي الذي كان بالنسبة لأمريكا أكبر خطرا في فترة الحرب الباردة،
إن رقعة الشطرنج الرئيسية التي تدور عليها اللعبة الآن كما يقول المؤلف ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق؛- هي أوراسيا وهي لعبة تنتهي بسيطرة الغالب على الإدارة الاستراتيجية للمصالح الجغرافية السياسية، حيث الاعتقاد الراسخ لدى السياسيين بأن من يسيطر على أوراسيا يسيطر على العالم القديم (أفريقيا، آسيا،، أوروبا). وفي عصرنا الحديث، استطاعت أميركا السيطرة على هذه البقعة الحيوية من العالم بعملية التوسع شرقا، حيث الهدف النهائي للسياسة الأميركية يتمثل في صياغة وتشكيل جماعة دولية متعاونة تكرس هذه الهيمنة. ووجدت ضالتها في القارة العجوزة، من الهيمنة عليها ودفع الأمور إلى المواجهة في سباقي التصعيد “السياسي والعسكري”، في شرق أوروبا والدول المنضوية، تحت حلف الناتو. والضغط على ألمانيا وفرنسا في إرسال الأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا من دبابات ألمانية وبولندية حديثة، إلى ساحة القتال، إن الهيمنة الأمريكية على السياسات الأوروبية التي كان اتحادها يسعى دائما إلى الحفاظ على علاقات سلام وتجارة وتعاون مع روسيا، كما جاء في حديث للمستشارة الألمانية السابقة/ ميركل في ندوة في نهاية العام المنقضي في “برلين” عن اعتراضها على دخول ألمانيا بمساعدات لأوكرانيا ضد روسيا. واتهمت النظام الأوكراني بالفساد ؛- ولكنها دخلت مع روسيا في مواجهة تفرض العقوبات التجارية والاقتصادية على روسيا وتحاصر صادراتها من الطاقة المورد الرئيسي للقارة على الرغم مما يعنيه ذلك من غياب أمن الطاقة وارتفاع أسعارها عالميا، على نحو يرهق الشعوب والاقتصاديات، ومن جهة أخرى إلى كتلة سياسية تشارك الولايات المتحدة في توريد السلاح إلى أوكرانيا وفي الضغط من أجل ضم أعضاء جدد إلى حلف الناتو وفي رفع موازنات الجيوش والدفاع وفي إنتاج ذات خطاب التحدي والهيمنة باسم الديمقراطية الجديدة التي تفرضها على شعوب تربطها ببعضها عوامل الجغرافيا والتاريخ والقرابة والدين والعرق… على غرار ما رسمه السيد/ بريجنسكي في كتابة لعبة الشطرنج نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات من القرن المنقضي من خط عرض/ 30/ إلى خط عرض/ 40 منطقة سوف تشهد صراعا جيوسياسيا…؟! هل تصبح الأراضي الأوكرانية شبيها بألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد ضم أربع مقاطعات “جنوب وشرق أوكرانيا” أراض تحت سيطرة روسيا وتحت مظلة الحماية النووية الروسية ويكون أمرا واقعا،. ..؟!
عام كامل على الغزو العسكري الروسي للأراضي الأوكرانية في غياب دور الأمم المتحدة والنظام الدولي في وقف نزيف الدم وعلى تداعياتها الفادحة لجنون ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء وأسعار الطاقة والاستمرار الآمن لوارداتها، وعلي معدلات التضخم المرتفعة والنمو الاقتصادي المنخفض التي ترهق كاهل فقراء العالم في بلدان الجنوب والشرق الأوسط وتحاصرهم بأخطار المجاعات والعجز المالي والاستدانة كما يحدث الآن في مصر ولبنان ودول كثيرة حتي وصل حوالي 60% تحت خط الفقر .؛ إن تداعيات الأزمة سوف تطيح بكل اقتصاديات العالم وسوف تسبب عدم استقرار في الأمن والسلام العالمي ، وانتشار الفوضى في دول كثيرة وقد ظهر بإعلان إفلاس/ 3 بنوك أمريكية هذا الأسبوع، صراع التسلح العالمي يعود للواجهة مرة أخرى وأوروبا تدخل في صراع وسباق التسلح في رفع موازناتها العسكرية إلى 3/ إضعافها
سباق جديد ” سياسي واقتصادي ، وتحاصرهم بأخطار المجاعات والعجز المالي والاستدانة كما يحدث الآن في مصر ولبنان ودول كثيرة. إن تداعيات الأزمة سوف تطيح بكل اقتصاديات العالم وسوف تسبب عدم استقرار في الأمن وانتشار الفوضى في دول كثيرة وقد ظهر بإعلان إفلاس/ 3 بنوك أمريكية هذا الأسبوع، صراع التسلح العالمي يعود للواجهة مرة أخرى وأوروبا تدخل في صراع وسباق التسلح في رفع موازناتها العسكرية إلى 3/ إضعافها
علي غرار ما رسمه السيد/ بريجنسكي في كتابة لعبة الشطرنج نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات من القرن المنقضي هل سوف تنجح أمريكا في انهيار روسيا وتفككها اقتصاديا من سباق جديد سياسي واقتصادي وعسكري لتظل الهيمنة الأمريكية علي العالم…؟!
“محمد سعد عبد اللطيف” كاتب مصري ومتخصص في علم الجغرافيا السياسية ” ” ” “