حرب الـ6 من أكتوبر عبقرية ومهارة القادة
بقلم: الدكتورة/ هويدا عزت .. كاتبة وباحثة في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة
لأول مرة منذ صدور قرار مجلس الوزراء بترحيل أي إجازة رسمية تأتي في منتصف الأسبوع، إلى يوم الخميس التالي على المناسبة المُقرر بشأنها الإجازة، تأتي الذكرى الـ49 بانتصارات حرب الـ٦ من أكتوبر العظيم هذا العام موافقة ليوم الخميس، فخلال السنوات الماضية كان هذا اليوم يوافق يوم عمل بالنسبة لي، الأمر الذي كان يفقدني إمكانية استرجاع ذاكرتي والاحتفال بهذا اليوم بمتابعة الأفلام والمسلسلات التي تؤرخ لهذه الذكرى العظيمة، وكذلك الاستماع إلى أغاني النصر الجميلة، فضلًا عن مشاهدة البرامج التي تستضيف هؤلاء القادة العظام وأحديثهم الراقية عن هذه الحرب المجيدة، وكم الصعوبات التي وجهتهم أثناء الحرب حتى تحقق النصر.
ويتسلل لي شعورًا جميلًا بالأمل والعزم والإرادة عندما اسمع وأُشهد هذه الحكايات التي سطرت بدماء الشهداء؛ لاسترجاع أرض سيناء الغالية، فقد قدمت حرب الـ6 من أكتوبر لنا ولشعوب العالم النماذج والأمثلة الحية على الهزيمة والنصر الحرب والسلام، حتى أصبحت حرب أكتوبر منهج وعلم يُدرس، ليس فقط في الكليات والمعاهد العسكرية في جميع أنحاء العالم، بل أيضًا في بعض العلوم الأخرى، مُستلهمة من انتصارات حرب الـ6 من أكتوبر الدروس والعبر.
فعندما كنت ادرس مادة العلوم الإدارية في كلية التجارة، فقد كانت تأتي حرب أكتوبر مسطرة لهذا العلم من مختلف جوانبه، حيث يتم استخدام فنون الإدارة، من حيث التخطيط الاستراتيجي، والتنظيم، والتوجيه، والرقابة، والمتابعة، فضلًا عن تكوين فرق العمل، والقيادة، بل واستخدمت العناصر المُختلفة لتنمية قدرات الموارد البشرية، من خلال التدريب الفعال، والتحفيز، والاختيار، وغيرها.
ومن هنا، قال فارار هوكلي مدير تطوير القتال في الجيش البريطاني، إن “الدروس المُستفادة من حرب أكتوبر تتعلق بالأشخاص وقدراتهم أكثر من الآلات التي يستخدمونها، إن الإنجاز المُثير للإعجاب الذي قام به المصريون هو عبقرية ومهارة القادة والضباط الذين تدربوا وشنّوا هجومًا من هذا القبيل الذي جاء بمثابة مفاجأة كاملة للطرف الآخر”
لذا ستظل حرب الـ6 من أكتوبر علامة فارقة ونقطة تحول في تاريخ مصر الحديث وتتناقله الأجيال جيلًا بعد جيل، قصة كفاح شعب ما بين هزيمة ونصر؛ ليعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء، ويفتخر بما حققه من انتصارات وبطولات سطرتها كتب التاريخ؛ لتظل مصر عاليه مرفوعة الرأس.
فتحية وسلام لهؤلاء الذين افنوا أرواحهم في سبيل عزة دينهم ووطنهم، ولكل من شارك فى هذه الحرب قادةً، وضباطًا، وجنودًا لشجاعتهم وبطولاتهم؛ لتحقيق هذا النصر العظيم.