هربوا من جحيم الفقر والمجاعات والحروب الأهلية، وجحيم الساسة في دول الخوف..أحلام شباب تتحطم تحت قاع البحار لعلهم الآن في عالم أفضل بعيدا عن حكام دولهم. البر الآخر أمل ملايين من شباب اليوم في أفريقيا ودول آسيوية لا يزال نحو 500 شخص في عداد المفقودين بعد غرق قارب لمهاجرين غير شرعيين قرابة السواحل اليونانية، وفقا لمكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.، إن ضحايا تلك \”المأساة المروعة\” التي خلفت 78 قتيلا، بينهم عدد من النساء والأطفال. تشبه \”رحلة تيتانك\” إلى أمريكا إن الساعات الأخيرة قبل غرق المركب حسب شهود العيان من الناجين وعملية الإنقاذ تتطلب من مفوضية الأمم المتحدة بالتحقيق المستقل بسبب تعدد الروايات عن أسباب غرق السفينة التي تحمل علي متنها حوالي 750 مواطن من جنسيات مختلفة، إن الخسائر الفادحة في الأرواح تؤكد أن هناك حاجة ملحة إلى تقديم مهربي البشر إلى العدالة، وعلى نطاق أوسع \”هناك الكثير من الأسئلة التي يجب طرحها\”.
وقد طرحنا علي الأستاذ الدكتور/ مدحت خفاجي الأستاذ بجامعة القاهرة الذي
أوضح في تصريح خاص عن الاسباب الحقيقية قائلا ‘- إن محاربة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وخاصتا لأكثر من مليار نسمة في أفريقيا لا يعيشون في ظروف إنسانية، السبب الرئيسي لهذه المشكلة هو الفساد المستشري في القارة بسبب عدم وجود مساءلة للأنظمة الحاكمة، أعاقت الأنظمة الحاكمة تأسيس الديمقراطية في القارة بعد نهاية الحقبة الاستعمارية. أعقب المساعدة المالية من الدول الغربية أو الولايات المتحدة تحويل نفس الأموال إلى البنوك الغربية من قبل الأنظمة الحاكمة. ارتبطت عملية الفساد هذه بعدم نمو اقتصاد الدول الأفريقية. كان الفقر والبطالة نتيجة فشل الدول في القارة. لأن لدينا مثالا ناجحا لنمو الاقتصاد في دول جنوب شرق آسيا، بدأ بعد فشل الولايات المتحدة في حرب فيتنام في الستينيات من القرن الماضي، وجدت الولايات المتحدة حلا اقتصاديا لمنع انتشار الشيوعية من الصين إلى دول جنوب شرق آسيا. كان العامل الرئيسي هو تشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار أولا. فيما يسمى \”بالنمور الآسيوية وتايوان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ وسنغافورة\”، في نفس الوقت كفلت الحكومة الأمريكية تعويض الشركات الأمريكية في حالة فقدان رأس مالها في الاستثمار في هذه الدول كما فتحت الولايات المتحدة أسواقها أمام المنتجات من هذه الدول، بعد النجاح الباهر في أول أربع دول آسيوية، انضمت 10 دول أخرى في نفس المنطقة إلى البرنامج فيما يعرف باسم المجموعة الآسيوية، الآن بعد حوالي نصف قرن من بدء البرنامج، أصبحت بلدان جنوب شرق آسيا هذه مزدهرة مع ما يقرب من \”الصفر من البطالة\” حال الوضع الحالي دون انتشار الشيوعية من الصين وحتى الأخيرة بدأت في تقليد ما تم القيام به في هذه البلدان من قبل رئيس الوزراء دينغ زياو بينج. يمكن للدول الأوروبية أن تفعل الشيء نفسه في البلدان الأفريقية لوقف الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط. سيكون ذلك أفضل من دفع مليارات الدولارات لتركيا وغيرها لوقف الهجرة بالقوة بدلا من حل سبب المشكلة…؟!!
محمد سعد عبد اللطيف’
كاتب وباحث مصري متخصص في الجغرافيا السياسية