يُعدّ الرّسم من أشهر أنواع الفنون، وهو وسيلة لوصف العلاقات؛ ماديّةً كانت أو مُجرّدةً، أو نقل شيء بكامل تفاصيله، كما يُعدّ صِلةً بين العين والعقل واليد؛ بحيث يُمكن زيادة هذه الصّلة بالموهبة والتدريب.
قبل البدء بالرّسم، على الرّسام أن يغذّي عينه ويعوّدها على الرؤية بغير الطريقة الاعتياديّة؛ فالعينُ ترى الأشياء ولكنّها لا تلاحظُ التفاصيلَ فيها، فهذه القدرة تختلف من شخصٍ إلى آخر، ويمكن تنميتها بالتدريب؛ فالتأمّل والملاحظة يساعدان الرّسام على فهم الأشياء، ورؤيتها بطريقة أجمل، والوصول إلى تفاصيلها؛ من شكل، وملمس، ولون، وظلال، وضوء؛ لذا يجب تعلّم الرؤية بعيونٍ جديدة قبل البدء بتعلّم الرّسم.
كيفيّة تعلّم الرّسم
يُمكن تعلّم الرّسم عن طريق العديد من الوسائل؛ فقد أصبح الرّسم مدرسةً تحتوي العديد من المعلومات المُدعَّمة بالعديد من المراجع، ومن الوسائل التي يمكن تتبّعها لتعلّم الرّسم، ما يأتي:
التعلّم بالطريقة المنهجيّة:
يكون ذلك بالالتحاق بدورات الرّسم الأكاديميّة، التي تُقدّم لملتحقها العديد من المعلومات، والتقنيات، والنظريات المتعلّقة بالرّسم. التعلّم من الأخطاء: هناك بعض الأخطاء الشائعة التي يحتاج المتعلّم معرفتها؛ حتّى يستطيع أن يتجنبها. التعلّم من الذاكرة والخيال: يستطيع الرّسام الماهر أن يرسم من ذاكرته، أو من وحي خياله، ويمكن الرجوع إلى كتب الرّسم التي تعطي معلومات عن كيفيّة تطوير القدرة على الرّسم من الذاكرة والخيال. تطوير الذوق الفنيّ: تغذية العين بالرسومات المشهورة لأشهر الرّسامين القدامى، تساعد على بناء الذوق والحسّ الفنيّ، كما تساعد على خلق نمط إبداعيّ خاصّ بالمتعلم، ويمكن الاطلاع على الكتب والألبومات الفنيّة لمشاهدة لوحات فنيّة مميّزة.
التعلّم الإلكترونيّ:
يمكن تعلّم الرسم إلكترونياً عن طريق مشاهدة فيديوهات لتعلّم الرّسم، ومعرفة أساسيّاته.
البدء بالأساسيّات:
من الخطأ البدء بالمواضيع المتقدّمة دون معرفة الأساسيّات.
عناصر الرّسم
يتكوّن الرّسم من مجموعة من العناصر المتنوعة؛ يشكّل كلّ منها دوراً مهمّاً في الرّسمة، فتعطي جميعها تأثيراتٍ منسجمة ومتكاملة، وهذه العناصر هي:
الخطّ
الخطّ هو الوحدة الأساسيّة لبناء السطوح والأشكال البسيطة والمعقّدة والمركّبة، وهو أبسط وسيلة للتعبير الفنيّ، ويمكن أن يكون الخطّ حافّةً، أو مكان اتّصال مساحات مختلفة، أو محيطاً بالشّكل ليُحدّده. وللخط أشكالٌ متنوّعة، يستخدم منها الفنّان ما يساعده على الإبداع في لوحته الفنيّة، ومن أنواع الخطوط:
الخطّ الأفقيّ:
يعبّر الخطّ الأفقيّ عن الاستقرار والتسطيح، وتختلف الخطوط الأفقيّة في طولها وسمكها، فإذا تنوعت الخطوط ورُتِّبت بنمط معيّن فإنها ستعطي إيقاعاً جميلاً للوحة، أمّا الخطوط الأفقيّة المتشابهة في الطّول والسُّمك فتعطي إحساساً بالرّتابة والملل، وعند رسم الخطوط الأفقيّة في الجزء العلويّ فستعطي إحساساً بالضّيق، وما يُوازنها هو الخطوط الرأسيّة في الرّسم.
الخطّ الرأسيّ:
يعبّر الخط الرأسيّ عن الشموخ ويرتبط بالجاذبيّة الأرضيّة، وهو يُعدّ داعماً وموازناً للخطوط الأفقيّة، فكلّما زادت الخطوط الرأسيّة في تقاطعها مع الأفقيّة فإنّها تعطي إحساساً بالقوّة والصلابة، ويستخدم الفنّان هذه الخطوط ليخلق عمقاً فراغياً للوحة؛ أي ليُعطي إحساساً بالبُعد والقرب.
الخطّ الإشعاعيّ:
تُعرَّف الخطوط الإشعاعية بأنّها خطوط رأسيّة مائلة تتجمّع في نقطة واحدة، وتُعدّ هذه النّقطة أبعد جزء في اللّوحة.
الخطّ المائل:
يوحي الخطّ المائل في اللّوحة عند تكراره على الحيويّة والديناميكيّة، وإذا كانت الخطوط المائلة مسيطرةً على اللّوحة فستعطي إحساساً بالرّشاقة، أمّا إذا كان الخطّ منحنياً للأسفل، فيوحي ذلك بالضعف والاسترخاء. الخطّ الدائري: هو خطّ ناتج من التقاء مجموعة خطوط منحنية، تجذب النّظر إلى مركزها.
اللّون
تؤدّي الألوان دوراً مهمّاً في اللّوحة الفنيّة؛ لأنّها تعطي معانيَ، وتضيف تأثيراتٍ إلى التكوينات الشكليّة؛ فعلى الفنّان أن يكون مدركاً للقيمة اللّونية في الرّسم، وأن يستخدمها بحكمة، ومن أساسيّات الألوان التي ينبغي أن يعرفها كلّ رسّام:
عجلة الألوان:
هي دائرة تعبّر عن علاقات الألوان مع بعضها؛ فالألوان المتقابلة تُسمَّى ألواناً مكمّلةً، والألوان المتجاورة تسمّى ألواناً مُتماثِلةً، وتفيد هذه العجلة في معرفة طريقة دمج الألوان في اللّوحة واستخدامها؛ فمثلاً عند وضع لونين متماثلين يتماهى اللّونان ليُمثّلا لوناً واحداً مُتدرّجاً، فيكونان مندمجينِ معاً، أمّا في الألوان المكمّلة فيظهر اللّونان أكثر إشراقاً.
الأثر النّفسيّ:
يعطي اللّون انطباعاً نفسياً للشخص المتلقّي، لذا على الفنّان أن يفهم هذه التأثيرات حتّى يختار اللّون المناسب حسب المعاني المؤثّرة في لوحته، فمثلاً يتّسم اللّون الأزرق بالهدوء، والأحمر بالإثارة.
إثراء الأشكال:
الأشكال من غير ألوان تكون أقلّ أثراً؛ فاللّون يمنح العينْ حدّة وحيويةً وعمقاً، كما يجذب الانتباه ويزيد الأثر المعنويّ للوحة.
الإضاءة والظلّ
الضوء والظلال عنصران مهمّان في الرّسم، ويمكن أن يكونا متدرّجين بأن تتداخل مناطق الظلال والضوء معاً، أو أن يكون هناكَ خط واضح وصريح بين الظلّ والضوء ليعطي تبايُناً، وتُستخدَم إحدى هاتين الطريقتين اعتماداً على المعنى المُراد إيصاله في اللّوحة، ومن الأشياء التي يتحكم بها الظلّ والضوء،سيادة الفكرة: إذ تستطيع الإضاءة أن تعطي تركيزاً لعنصرٍ ما في اللّوحة، وتجعل غيره ثانوياً.
التوازن:
يكون ذلك بتوزيع الظلّ والضوء بتوازن في اللّوحة، حتّى يتحقق توازن بصريّ؛ فاللّون القاتم يعطي ثقلاً في مجال الإدراك البصريّ. العمق الفراغيّ: تختلف الأجسام في أطوال ظلالها حسب قربها أو بعدها عن الإضاءة، فعندما يكون الجسم قريباً يكون ظلّه أطول، وذلك يُضيف بُعداً ثالثاً إلى الوحة الفنيّة. التاثير الدراميّ: فالتضادّ القويّ بين الضوء والظلّ يعطي شعوراً بعدم الرّاحة أو تأثيراً دراميّاً، وقد يعطي التدرّج إحساساً بالغموض.
تقنيات الرّسم
تختلف التّقنيات المُتَّبعة في الرّسم حسب أداة الرّسم المُستخدَمة، ومن الأدوات شائعة الاستخدام: قلم الرّصاص، والفحم، والألوان المائيّة، ولكلّ أداةٍ تقنيات تساعد الرّسام على إظهار لوحةٍ متقنةٍ عند تعلّمها. تقنيات الرّسم بالرصاص قلم الرّصاص مكوّن من أسطوانة رفيعة من الجرافيت المُغطّى بطبقة من الخشب، والجرافيت هو كربون مضاف إليه طين ليعطيه الصلابة، فتتدرّج صلابة الرّصاص بين اللّين والقاسي حسب نسبة الطّين المُضاف، وتشمل تقنيات الرسم بالرّصاص ما يأتي:
مسك القلم:
إنّ كلّ طريقةٍ لمسكِ القلم تعطي نتائجَ مختلفةً في التّحكم ورسم الأشكال والخطوط؛ فطريقة مسك القلمِ قد تحدّ من قدرتنا على الإبداع، فعند مسكِ القلمِ بالأصابع تكون الخطوط المرسومة غير قويّة وغير دقيقة، كما يمكن للقلم أن ينزلق بسهولة، ولكن هذه الطريقة مناسبة في رسم لوحاتٍ إبداعيّة لا تتطلب خطوطاً قويّة، بل تعطي اللّوحة انطباعاً بالحيويّة، أمّا الطريقة الثانية فهي مسك القلمِ كالخنجر، بحيث تعطي خطوطاً شديدة وقويّة، وتعطي انطباعاً بالعدوانيّة.
حركة القلم:
حركة القلم تعطي نتائجَ مختلفةً في الرّسم؛ فلرسم خطوط عموديّة تُحرَّك الأصابع للأعلى وللأسفل، مع الحفاظ على الرُّسغ ثابتاً، أمّا لرسم الخطوط الأفقيّة فتُثبَّت الأصابع ويُحرّك الرّسغ لليمين والشّمال، ولرسم خطوط طويلة يجب أن تميل اليد إلى الجانب قليلاً، ممّا يعطيها مدىً أكبر للحركة، ولتحقيق حركة أوسع لليد، تُرفَع بصورة أعلى، وتُثبَّت الأصابع، وتُحرَّك اليد في الاتجاه المطلوب.
التدرّج:
للتدرجّ في اللّون الرّصاصيّ من الأبيض إلى الأسود أثرٌ في تكوين اللّوحة؛ وللحصول على التدرّج تُستخدَم درجات القلم المُتدرّجة في القساوة، أو باختلاف الضغط بالقلمِ على الورقة، ويجب أن يكونَ التدرّج بين الدرجات مختلطاً ومتداخلاً.
تقنيات الرّسم بالألوان المائيّة
إنّ مبدأ الرّسم بالألوان المائية يعتمد على أساس طبقات من الألوان، تُبنى فوق بعضها بعضاً لتشكلّ الرسمة النهائيّة؛ إذ تُرسَم كلّ طبقة وتُترَك لتجفّ، ثمّ تُرسَم الطبقات التي تليها لتشكلّ لوحة مفصّلة ومليئة بالألوان المتداخلة والمنسجمة،وتشمل تقنيات الرّسم بالألوان المائيّة ما يأتي:
السطح الموحّد:
لرسم خلفية بلون واحد متساوي الدرجات، يتمّ خلط اللون المطلوب بكميّات كبيرة حتّى يغطي كلّ الورقة، ويُرسَم خط أفقي على حجم الورقة من الجزء العلويّ لها، ثمّ يُرسَم خط آخر أفقيّ متداخل مع الخط السابق له، وتستمر هذه العمليّة حتّى تُغطّى لوحة الرّسم كاملةً. تدرّج اللّون الواحد: كما في السّطح المُوحَّد، يُرسَم خط أفقي للون، ثمّ تُضاف إليه كميّة ماء لتخفيفه، فيُرسَم خط آخر متداخل مع الخطّ السابق لكنّه أفتح، ويُستمرّ بتخفيف اللّون حتى الحصول على التدرّج المطلوب.
تدرّج لونين:
يُرسَم خطّ أفقيّ باللّون الأول بدرجة غامقة، ثمّ يُتدرَّج بتفتيحه، وعند الوصول إلى أفتح درجة في اللّون الأول، يتمّ البدء بالدرجة الأفتح للّون الثاني، والتدرّج به نحو الأغمق.