أحمد طنطاوى يكتب.. أعطوا للأفكار أجنحة وحياة
الأفكار هي التى تجعلنا نتقدم خطوة للأمام، تجعلنا نقفز آلاف الخطوات فى الهواء لنبتعد عن المشكلات والمصاعب ونجني الكثير من الأموال.. الأفكار هي التي جعلتنا نصل إلى القمر وسنمر عليه ملوحين.. فى طريقنا إلى كواكب أخرى.
فكرة جمع القمامة الإلكترونية التي قام بها الشاب المصري مصطفى حمدان وتحقق له دخلاً سنويا يقترب من 3 ملايين دولار، مصطفى بالتأكيد واجهته العراقيل والمشكلات والصعاب، ولكنه لم يتوقف عندها أو عليها واستمر فى المحاولة تلو الأخرى، حتى أصبح ضمن الشباب العربي الأكثر تأثيرًا، وفقا لمجلة فوربس الاقتصادية الشهيرة، وأصبحت شركته تدير 70% من النفايات الإلكترونية فى مصر.
توقفت فى قصة نجاح مصطفى كما يرويها لموقع بي بي سي، عند الأستاذ الجامعي الذي استطاع مصطفي إقناعه لكي يمول له صفقته الأولى مقابل 40 فى المئة من الدخل الصافي.. وبغض النظر عن مفهوم المشاركة فى الربح.. ولكن هذا الأستاذ الجامعي اقتنع جيدًا بما يمكن أن يحققه هذا الشاب.. فوقف بجواره وأعطاه الأموال لكي يصبح على ما هو عليه الآن.. تفكرت حينها كثيرا فى الدعم المقدم من الكبار كيف له أن يعطي للأفكار أجنحة وحياة، تخيلت المسئول الوزير الحكومي الأكاديمي لو اقتنع بما يمكن أن تحققه الأفكار التى لدى الشباب لو قام بتبنيها.
وتوقفت أيضا عند نقطة أخرى قالها مصطفي عن كيف جاءته الفكرة: “كنت أشاهد فيلمًا وثائقيًا عن إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وأدركت أن هناك كثيرًا من الإمكانات في استخلاص المعادن من اللوحات الرئيسية لأجهزة الكمبيوتر (مذر بورد) الذهب والفضة والنحاس والبلاتينيوم”.
أعتقد أن المشاهدة الصحيحة عند مصطفى بجانب الثقافة والقراءة والإطلاع على كل ما هو جديد، قد يغير فى حياة الإنسان ومن ثم حياة المجتمع الذى يعيش فيه.
هناك بعض الدراسات المتخصصة تقول إنه من الممكن استخراج 17 طنًّا من النحاس، و380 كيلو جرامًا من الفضة، و37 كيلو جرامًا من الذهب، و16 كيلو جرامًا من البلاديوم، عبر عمليات إعادة تدوير مليون هاتف جوال فقط.
كم شابًا يمكنه استخلاص الذهب من النفايات كما فعل مصطفي؟!!.. الكثير والكثير ولكن على الحكومة أن تتبنى أفكارهم.
ومصطفى حمدان ليس وحده فى قائمة الأكثر تأثيرًا عربيًا، فهناك علي محمد وعمره 23 عامًا، وأسس شركة تُمكن فاقدى السمع، من رؤية وتجسيد الصوت بشكل لحظى باستخدام الذكاء الاصطناعى.
ورامى هلالى ونور أحمدين ومصطفى أمين وطارق مولار ومصطفى قنديل، الذى أسس موقعا لحجز حافلات النقل الثقيل عبر الإنترنت ولديه 300 حافلة، لأول مرة فى مصر.. وتلقى تمويلا بـ 500 ألف دولار من شركة نقل خاصة.
وهناك أيضُا هيثم عاصم، الذى انضم إلى شركة كبرى فى سن صغيرة، وقدم لها 25 براءة اختراع حتى الآن.
منذ يومين نشرت “بوابة الأهرام” تقريرًا عن 5 شباب فكروا فى إعادة استخدام زيت الطهي المستعمل.. وقاموا بجمعه من المطاعم والمصانع والبيوت، ونجحوا في إنتاج وقود الديزل الحيوي منه، ومن ثم بدأوا فى تصدير الوقود الديزل الحيوى إلى مالطا، ومنها إلى 6 بلدان أوروبية هي (ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، إسبانيا، المملكة المتحدة).
إنها الأفكار يا سادة.. التى هي صدى لما نراه فى البيت والشارع والكلية وما نسمعه في التليفزيون والسينما.
ما دفعني للكتابة عن الأفكار وعرض الكثير منها استحضار فكرة الشاب أحمد الطماوى، بشأن وضع إعلان على تذكرة مترو الأنفاق، الفكرة ظهرت فى 2012 وحتى الآن لم تنفذ.
الفكرة جيدة ومبدعة وبراقة.. لكنها لن تتحقق وتظهر للنور إلا لو تبناها أحد الأساتذة الجامعيين – الوزراء – حتى لو شارك فى الأرباح، كما فعل الأستاذ الجامعي الذى تبني فكرة مصطفي حمدان.
فهل نري أكاديميًا – وزيراً – يعطى لأفكار الشباب تمويلاً يساعدها على النجاح والتحليق؟!