ابن الجيران كان حلم لمعظم بنات المنطقة, ادبه الجم واخلاقة العالية وتواضعه الشديد وتفوقه الدراسى اللافت للإنتباه, كل صفاته محل حديث واعجاب الجميع إلا انه يوم نال شهادة الثانوية بتفوق وعلمنا انه سيلتحق بالكلية الحربية زاد تقدير اهل المنطقة له, هذا الشاب ليس فقط خلوق ومهذب ومتفوق بل أيضا وطنى ويقدم على خطوة قد تلزمه بالتضحية بحياته من اجلنا, مما دعانى للسئوال عن سبب التحاق هذا الشاب بالحياة العسكرية وهو يستطيع ان يلتحق بكليات القمة, لابد ان هذا الشاب يحمل فى داخله من المبادىء والقيم ما تجعله متميزا عن غيره من اقرانه, ورويدا رويدا وجدتنى اتحدث عنه كثيرا مع نفسى, وفقط, واتظاهر بتجاهل الحديث عنه امام الاهل والجيران, وفى ذات اللحظة اكن منتبهة بشدة لكل ما يقال عنه, كنت اراه فارسا بزيه العسكرى يأتى إلى طالبا يدى من والدى, وكنت استيقظ من احلام اليقظة سريعا مرددة لنفسى قولا واحد: فهو لم يتحدث معى من قبل, بل انه حتى لم ينظر الى مرة واحدة, استيقظى من حلمك هذا الشاب وهب نفسه لوطنه, واين انت من هذا الحب الكبير, وأفقت من حلمى على يوم يضطرب المنزل فيه كأنها الاستعداد للعيد وتساءلت ما الامر يا امى لما كل تلك الجلبة؟ ولماذا تعدين طعاما فاخرا وتزينين البيت وتعطرينه؟ وما السبب الذى زج بك لتخرجى من نيش السفرة تلك الاوانى باهظة القيمة والعزيزة عليك؟ ضحكت امى وبرقت عيناها بدموع تفضح دوى فرحة قلبها وقالت: ابن الجيران!, ويبدو اننى كنت مكشوفة السر الذى اجتهدت فى اخفائه فى باطن اعماقى, وتعود امى تتبتسم وهى تقول: الظابط احمد, جاى هو واهله يخطبوكى النهارده من ابوكي, لم افق من فرحتى الا عندما اتكأت على سليم وفريدة وإبراهيم هم نسل هذا الفارس ومن تبقى لى منه, وانا ارد على تليفون جائنى من قائد فرقته يخبرنى بالجملة الرائعة والاية التى تجعلنى امسك بشعرة الايمان” وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون” وجدت لسانى طواعية يتلو ” ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون” وهكذا تلاشت كلمات امى من سمعى وهى تقول يا ايمان.. يا يمان, الظابط احمد جاى يخطبك” وكأن الايام والسنوات ما هى الا فرحة لم تتجاوز اللحظة فرحت خلالها بأحمد ثم قضيت العمر كله اتذكره!
وتحكى السيدة أيمان عباس عبدالحليم مدكور أرملة الشهيد المقدم أحمد حامد الخولى:” الإسلام والقران وجميع المؤمنين من التكفيريين براء , فهم مجموعات من القتلة, فكم زوجه ترملت , و كم من طفل تيتم على أيديهم الملوثة بدماء شهدائنا , وحسبى الله ونعم الوكيل, هؤلاء هم يقتلون الفرحة, كان الشهيد كان يسكن بجوارنا, أحبته حبا شديدا, وكان دائم الابتسامة ومتواضعا لأقصى درجة, وكان محبوبا جدا وسط جميع أقاربه وأصحابه, أحمد كان دائم الاهتمام والسؤال عن والدته وأولاده سليم وفريدة وإبراهيم , وكان دائما يقول لى ” لو حصل لى حاجة خلى بالك من الأولاد نفسى يكونوا أحسن منى ” و هو كان ” مستنى الشهادة فى أى وقت”وتخرج احمد فى الكلية الحربية 2002 وعمل بالسويس لفترة ثم انتقل بعدها للعمل فى سيناء وكان أهالى سيناء يحبونه كثيرا ولا زالوا يذكرونه بالخير حتى يومنا هذا, ويوم الاستشهاد كان يوما صعبا لا زلت أذكره 14 أبريل 2018 حيث أبلغنى قائد الفرقة بخبر الاستشهاد, على اثر قيام مجموعة من التكفيريين بالهجوم على الكتيبة بالقسيمة وكانت لحظة صعبة لن لن أنساها طوال حياتى, ولكن فخرى دائما هو حجم البطولات والتضحيات التى خلفها البطل وقدم روحه فداء لأمن و سلامة الوطن وأمنه وسلامة أراضيه, وأولادى يعلمون أن والدهم حى عند ربه وأبنى الأكبر سليم يتمنى أن يلتحق بالقوات لمسلحة ليستكمل مهمة والده الشهيد, انا لازالت اتذكر فرحته حينما تم تكريمه فى عام 2017 كأصغر رتبة يتم تكريمها فى تلك الفترة حيث كان برتبة رائد لكفاءته وحبه الشديد وإخلاصه فى عمله, ومع بدء العملية الشاملة فى سيناء ” حق الشهيد ” ظل لشهرين متواصلين بالكتيبة رافضا نزول إجازته لأنه كان يحب عمله بشدة وإخلاص وربما ترك لى احمد تربية اولادنا وانشغل هو بما هو اكبر واعظم (الدفاع عن الوطن ) كان دائما يقول لى :”مهمة الدفاع عن سينا خى مهمة للحفاظ على مستقبل اولادنا انا متأكد انك ها تربيهم على حب بلدهم” كان شايف ان معركته ضد الارهاب معركة وجود وكرامة لا صوت يعلو عليها, حتى وان كان السبيل الى الفوز والنصر هو الحياة, رحم الله حبيبى وزوجى وفرحة عمرى”.