
أحمد حماد يكتب
في التاسع عشر من مارس عام 1989 شهدت مصر لحظة فارقة في تاريخها الحديث حيث رفع العلم المصري على أرض طابا معلنا انتصار الدبلوماسية المصرية في معركة استعادة آخر شبر من أرض سيناء.
فلم يكن هذا الانتصار وليد الصدفة بل جاء تتويجا لنضال قانوني وسياسي دام لسنوات أثبتت فيه مصر قدرتها على استرداد حقوقها بالحكمة والصبر والعقل.
بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 والتي نصت على انسحاب إسرائيل الكامل من سيناء، ظهرت مشكلة صغيرة ولكنها بالغة الأهمية قرية طابا الصغيرة الواقعة على الحدود الشرقية لمصر. حاولت إسرائيل التلاعب بتفسير خط الحدود، وادعت أن طابا تابعة لها، مستغلة بعض الثغرات في الخرائط القديمة.
ولم تقبل مصر التلاعب بحقوقها وبدلا من الدخول في مواجهات عسكرية لجأت إلى الساحة القانونية مستندة إلى الوثائق التاريخية والخرائط البريطانية والعثمانية التي أكدت مصرية طابا وفي عام 1986 وافقت إسرائيل على اللجوء إلى التحكيم الدولي وهو القرار الذي أثبت ذكاء وحكمة القيادة المصرية آنذاك.
وبعد عامين من المداولات أصدرت هيئة التحكيم الدولية في 29 سبتمبر 1988 حكمها التاريخي لصالح مصر مؤكدة أن طابا أرض مصرية خالصة.
حاولت إسرائيل تأجيل التنفيذ لكن المفاوض المصري كان صلبا في موقفه مما أجبرها على الالتزام بالحكم.
وفي صباح 19 مارس 1989 رفع العلم المصري على أرض طابا في مشهد اختلطت فيه مشاعر الفخر والكرامة الوطنية. كانت هذه اللحظة إعلانا صريحا لانتصار الدبلوماسية المصرية التي استطاعت أن تستعيد الأرض دون طلقة رصاص، ولكن بقوة الحق والإرادة السياسية.
اكتشاف المزيد من بي بي سي مصر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.