نبذة من حياة بحار ( 3 )

نبذة من حياة بحار (  3 )

بقلم : حسام الزغبى

فى شهر يناير فى إحدى سنوات البحر كنا فى أوكرانيا وكنا فى بلد اسمها ماريوبل وتشتهر ماريوبل مثل باقى ما تشتهر به معظم الموانئ الأوكرانية بتصدير الحديد والحبوب كما تشتهر أيضا بعملتها الضعيفة أمام الدولار مما كان يعطينا راحة نفسية وكأننا ملوك حيث أن فى هذه السنة كان الدولار بعشرة جريفنا وقد وصل الى 25 جرفنا قبل الإجتياح الروسى حيث أن العملة الاوكرانية هى الجريفنا ده انا لو كنت حضرت الأيام دى كنت دفعتلهم عشرة دولار وقعدت مكان زيلينسكى رئيس اوكرانيا بذات نفسيته وطلعت تأشيرة للعمدة وسحتوت افندى .. وأكثر ما تشتهر به جميع موانئ اوكرانيا هو نوادى البحارا .. حيث يستطيع البحار أن يجد جميع انواع وسائل الترفيه بما تعنى الكلمة من معنى حرفيا ودائما ما يفضل البحار أن يذهب فى أول يوم للنادي إذا كان أول مرة يذهب إلى هذه المدينة لبعض من الوقت ثم يخرج ليقضى باقى ليلته ما بين التنزه والتسوق والديسكوهات كل واحد حسبما يحب .. وبما أن العملة ضعيفة كنا عندما ندخل النادى ونجد موسيقى غربى او هندى يذهب أحدنا إلى من يقف على الدى جى ويعطيه رشوة 5 دولار حيث كان مشغل الدى جى يشعر وكأنه عثر على شئ ثمين ويجعله يشغل اغانى مصرى حيث كان معظم البحارا فى هذه الآونة الذين معى من المصريين وكان منهم من يجيد الرقص ولا كأنه الواد ظاظا مدرب الرقص الشرقى بذات نفسه وبين لحظة واخرى يخرج أحدهم ليرقص وطبعا بما ان مركزى لا يسمح لى بالرقص ولو يسمح فأنا لا أجيد الرقص لكنى مشجع جيد حيث انى دائما استمتع بمشاهدة الرقص البلدى فكنت بشجع اللعبة الحلوة
ويخرج واحد أخر لينافس الأول ولا يمضى أكثر من ثلاث أو أربع دقائق حتى تقوم الفتيات الأوكرانيات لتجرب حظها من هذا الفن المدهش بالنسبة لهم وتعجبهم من أن بعض الرجال يستطيعون أن يفعلوا بعض الحركات التى يعجز جسدهم اللين على فعلها وتعم الضجة المكان والرقص والمرح ولا كأنه فرح إبن أبويا العمدة بتاع كفر بلدنا وهكذا كل ليالى أوكرانيا الباردة ولكن ما أروعها صيفا .. وكنا نتباهى عندما ندخل أحد الديسكوهات وننادى على النادل كى يحضر لنا قائمة الطعام والشراب ونملا الطاولة بما لذا وطاب ونقول له بطريقة اليط بيك افرشلنا طاولة تانية لو سمحت مش معقول كدة الحاجات دى قليلة أوى مع إن كل ده لا يتعدى ثمنه 100 دولار أى 1000 جرفنا ستقسم على حوالى 4 بحارا ولكن كانت فرصة نظهر إننا برنسات ومحدش بيفوت فرصة زى دى وخد يا إبنى السى دى ده وشغله ولا الموسيقى دى مش عاجبانى شغلى شاكيرا وما كان على النادل إلا سمعا وطاعا إحنا بالنسبة لنا فرصة نعيش عيشة الملوك وهو بالنسبة له ناس هبلة وفلوسها كتير .. ويا حبذا بقى لما كنا نطلب شيشة حيث أن الأتراك قد ادخلوا تدخين الشيشة إلى اوكرانيا ولكن الشيشة هناك لها وضع خاص فأولا سعرها 12 دولار يعنى 120 جرفنا يعنى فرصة بالنسبة له أن حد فينا يشرب شيشة فالشيشة هناك لها طقوس خاصة حيث أنها ب 120 جرفنا بقى وبالتالي لا توضع على الأرض بل توضع فوق الطاولة ولو قلنا له ضعها فوق رأسك سيفعل فهم اكثر شعوب العالم عبودية للمال.. وبما انى لا اشرب اى نوع من انواع الكحوليات فكنت اطلب الشيشة بطعم التفاح واستمتع عندما تعم رائحة التفاح الدخان واحتسى الشراب الساخن او العصير الطازج او اى من أنواع الفاكهة وكانت توضع أمامنا بذوق وترتيب يشعرك بأنك رئيس الوحدة المحلية سحتوت افندى بتاع كفر بلدنا برضو.. وطبعا 4 أفراد يجلسون على طاولتين كبار وعليهم ما لذ وطاب من انواع الشرب والفاكهة والطاولة متوجة بالشيشة فليس لهذا معنى الا اننا من علية القوم وكنا كالحلوى التى تجذب الذباب للجلوس معنا ولكن لان الذباب لا يعيش فى السقيع فكانت الفراشات وكن يتوددن للجلوس معنا حتى تنتهى السهرة ويتبادلون أرقام الهواتف وكل يرجع إلى مضجعه فجرا لينام ساعتين او ثلاثة لانه يجب أن يستيقظ مبكرا للعمل ويظل يحسب ساعة بعد أخرى حتى ينهى عمله مواعدا نفسه بنوما هنيئا بعد العمل حيث انه لم يأخذ كفايته من النوم ويخرج الساعة التاسعة مساء ليقضى سهرة أخرى فى مكان آخر او يذهب إلى متجر آخر ليتسوق اشياء جديدة لا توجد فى بلاد الشرق ولكن بمجرد أن ينتهى وقت العمل ويذهب كل واحد إلى حجرته ليستحم وينام حيث انه وقت العمل يحلم بالنوم اساسا ولكن فور أن يستحم محاولا ارتداء ملابس النوم لا أراديا يرتدي ملابس الخروج رغم انه ليس وقت سهر ولكن وكأن هرمون الادرينالين قد تفجر فى دمه فيصبح شعلة نشاط وحيوية ولا يستطيع النوم واتمنى حد صيدلي يفسر ده لان بصراحة معرفش له تفسير ولما سألت حلاق الصحة بتاع كفر بلدنا برضو قالى انت محسود يا ولا ولازم نرقيك وانا بصراحة مش مصدقه وحاسس انى ملبوس .. وتسير الحياة هكذا دواليك فى بلاد الثلج حتى يأتى موعد السفر وتأتي لحظات الوداع وبكاء الفتيات وكأن من سافروا هم من سينقذون العالم من الفناء وتانى الأوقات الأخرى اوقات الفراغ بعد العمل ونجتمع نحن الضباط فى صالون الضباط ويجتمع باقى الطاقم فى الصالون الخاص بهم
وتبدأ المناوشات وكل واحد يحكى على موقف ساخر حدث له واخر يحكى على موقف حدث مع صاحبه والكل يقهقه حتى يكاد تتوقف قلوبهم من الضحك فالبحر هادئ وكلنا فى سلام حيث أنه بالأمس خمر ونساء واليوم بحر وعناء إلى أن أبحرنا متجهين إلى…..
ولندع ما بعد إلى إلى الأسبوع القادم ان شاء الله .

لا تعليقات بعد على “نبذة من حياة بحار ( 3 )

  1. ليت الخمر والنساء ينسيك عطر أنوثتها الذي لازال يزور ذاكراتك ليلا فيصيب سهم ذكرياتها نبضك دون رحمة ولن تنساها

يسعدنا ويشرفنا مرورك وتعليقك