في تغريدة عبر حسابه على “توتير”، طرح السفير الياباني في المملكة العربية السعودية “إيواي فوميو”، سؤالاً حول السبب وراء عدم كتابة اسم العروس على بطاقات الدعوة. جاء ذلك بعد أن لاحظ غياب اسم عروسة عن بطاقة حفل زفاف دُعي إليه في السعودية، فغرد قائلاً: “لقد حضرت مؤخراً حفل زفاف نجل صديقي السعودي القديم، ولاحظت أن اسم العروس غير مذكور في الدعوة. أهذه عادة أم تختلف من أسرة إلى أخرى؟”.
وما أن طرح السفير سؤاله، حتى انهالت عليه الإجابات عبر خاصية التعليقات من قِبل المتابعين.. فبماذا ردوا؟
ردود مستخدمين
أثار سؤال السفير “فوميو” جدلاً حول أصل ظاهرة تغييب اسم العروس من بطاقة الدعوة، ووفقاً لإجابات بعض المستخدمين، تعود الظاهرة إلى العادات والتقاليد؛ إذ غرد مستخدم:
بينما أكد آخرون أن حجب اسم العروس “عادة متفاوتة الانتشار بين العائلات في السعودية، إلا أنها تتقلص تدريجياً”:
بالمقابل، استنكر فريق آخر الموقف المتمثل بنبذ تلك الظاهرة:
كما وصفها أحد المغردين بأنها عادة غبية:
ثلاثة مصطلحات
تنتشر عادة تغييب اسم العروس عن بطاقات دعوة حفلات الزفاف في عدد من الدول العربية، وفي الحقيقة أن العادة تشي بالخجل من اسم المرأة بشكل عام في بعض المجتمعات العربية؛ بما في ذلك اسم الأم والأخوات والزوجة والبنات.
وكمثال حي على ذلك، إنْ قصد طفل عربي إهانة آخر فيناديه “يا ابن فلانة”! وهذا يفسِّر السبب وراء تجنب الرجال ذِكر وتداول أسماء النساء في عائلاتهم؛ لكن يبقى السؤال: لماذا يعتبر اسم المرأة أداة للإهانة تتعادل مع الشتيمة بالأساس؟!
يمكن تفسير سبب محاولة عزل المرأة عبر حَجب صورها أو اسمها على اعتبار أنه مدعاة للعار، عبر الاستعانة بثلاثة مصطلحات؛ أولها: النظام الذكوري أو الأبوي؛ نظام اجتماعي يكون فيه الأب أو الرجل صاحب السلطة المطلقة على الأسرة، بما في ذلك النساء البالغات، ويعود ذلك النظام الذي يسود العالم بتفاوت، وانحسر جزئياً في الدول المتقدمة، إلى أكثر من 3000 عام ق.م، عندما اكتشف الإنسان الزراعة وما تمخض عنها من ظهور للملكية الخاصة، التي مكنت الرجال من الحكم وأقصت النساء بعد سنين طويلة سابقة من الحكم ضمن ما يُعرف بالنظام الأمومي، لتظل بعض المجتمعات الشرقية مرتبطة إلى يومنا هذا بالانقلاب الذكوري، الذي يتملَّك حتى النساء، وتستمد عاداتها وتقاليدها من عصور غابرة.
مع ظهور النظام الذكوري، ظهرت توجهات أخرى؛ من ضمنها “كراهية النساء– Misogyny”، وهو مصطلح ترجع جذوره إلى الأساطير اليونانية القديمة؛ إذ اعتقد الإغريق أنه قبل ظهور النساء، كان الرجال يتعايشون بسلام كرفاق للآلهة، حتى قرر العملاق “بروميثيوس” سرقة سر النار؛ الأمر الذي أغضب زيوس أب الآلهة والبشر، فعاقب الجنس البشري بأن أرسل إليهم “باندورا”، أول امرأة في الأرض، مع صندوقها الذي يضم كل الشرور.
وتتمثل كراهية النساء بعدة صور؛ لكن في ما يتعلق بموضوع تغييب أسماء النساء، فيمكن إدراجه ضمن الأساليب الهادفة إلى السيطرة على النساء، واستبعادهن اجتماعياً من المواطنة الكاملة، عبر منعهن من أبسط حقوقهن؛ والتعريف عنهن بأسمائهن لا بأسماء آبائهن أو عائلات أزواجهن.
ويدعم الطرح المتعلق بكراهية النساء، المصطلح الثالث والأخير “التمييز الجنسي“، الذي ينطبق على النساء والفتيات بشكل خاص، وهو يشير إلى الاعتقاد بأن أحد الجنسَين (الذكور) أعلى أو أكثر قيمة من الجنس الآخر (الإناث)، ويساعد التمييز الجنسي على الحفاظ على النظام الأبوي، عبر اضطهاد المرأة من خلال الاستغلال الاقتصادي والهيمنة الاجتماعية، وإدامة الصور النمطية للأدوار الاجتماعية لكلا الجنسَين.
وعلى الرغم من أن التمييز الجنسي بَيِّن في حالة حجب اسم العروس على بطاقة الدعوة، في دول عربية؛ فإن التاريخ يثبت أن تلك العادة ليست أصيلة في الثقافة العربية والإسلامية، فبالعودة مرة أخرى إلى تعليقات المستخدمين على تغريدة السفير الياباني، استدل البعض بأن الرسول محمد والصحابة وغيرهم لطالما جاهروا بأسماء بناتهم وزوجاتهم وأمهاتهم، وأن اسم المرأة ليس عورة، بعكس ما تميل إليه كفّة التشدد الأعمى:
أما بالنسبة إلى الحاضر؛ فقد أطلق ملك السعودية الراحل عبدالله، اسم أخته نورة بنت عبدالرحمن على إحدى الجامعات في العاصمة الرياض، والتي كان اسمها سابقاً جامعة الرياض للبنات.