يعتبر الشعب المصري شعبًا كوميديًا بامتياز، حيث أنه يستطيع في كل المواقف أن يخلق كوميديته الخاصة، التي تخفف من حدة الموقف، ولذلك فإن مهمة إضحاكه ليست بالمهمة السهلة، فمنذ دخول المسرح الكوميدي لمصر والجميع يحاول، ولا ينجح إلا القليل، بداية من جورج أبيض ونجيب الريحاني، مرورًا بعلي الكسار وإسماعيل ياسين، ومن بعدهم فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي.
وصلنا بعد ذلك إلى مرحلة “المضحكون الجدد” اللقب الذي يطلق على الزعيم عادل إمام والفنان الراحل سعيد صالح وزملائهم في تلك الفترة، ثم يمر الوقت ويظهر “جيل الألفية الجديدة” وعلى رأسهم النجم الكوميدي اللامع محمد هنيدي، ويمر وقتًا طويل ليخرج لنا الفنان أشرف عبد الباقي بنوع مختلف من المسرح الكوميدي بتجربة “مسرح مصر”، لكن تزامنًا مع تلك التجربة ولأول مرة بعيدًا عن المسارح أو شاشات التلفزيون كانت هناك تجربة أخرى وهي “كوميديا السوشيال ميديا” حيث ظهر على منصات السوشيال ميديا نوعًا جديد من الفيديوهات يتم تقديم محتوى كوميدي من خلاله، الأمر الذي أحدث ضجة في كل أوساط صناعة الكوميديا، ببساطة لأن هؤلاء الشباب لا يحتاجون إلى أي إمكانيات لطرح ما يحبون على المشاهدين، الأمر الذي جعل صناع الكوميدية التقليدية يشعرون بالخطر القادم، ومعنا في هذا المقال نموذج من رواد ومشاهير النوع الأحدث من الكوميديا وهم صانعي فيديوهات “كوكي وبابا” الشهيرة، لنتعرف على التجربة عن قرب.
تنتشر على منصات السوشيال ميديا الفيديوهات الاجتماعية والتي هي عبارة عن محتوى ما يتم تقديمه من خلال أسرة واحدة سواء زوج وزوجته، أو أخ وأخيه، أو غيرهم من باقي العلاقات العائلية، وتحقق معظم هذه الفيديوهات مشاهدات عالية، بالتأكيد بعض هذه المشاهدات يكون بهدف السخرية، لكن هناك شق أخر من هذه المشاهدات، وهو شق التأثر.. حيث أن كثيرًا من المتابعين يعتبرون أبطال تلك الفيديوهات أمثلة يجب أن نحذوا حذوها، لذلك فمن واجب الصحافة المهنية إلقاء الضوء على النماذج المشرفة وسط كل هذه الفيديوهات، ومعنا اليوم نموذج لسنا بصدد الترويج له، حيث أن لديهم ملايين المشاهدات، وهم “كوكي وبابا”، المحتوى الاجتماعي العائلي الأشهر في الفترة الأخيرة، أثناء احتفالهم بالوصول إلى مليون مشاهدة أردنا الخوض في محتواهم لمعرفة سبب هذا النجاح الطاغي.
بداية لمن لا يعرف، أبطال فيديوهات “كوكي وبابا” هما الطفلة كوكي ووالدها، وهما يقدمان محتوى كوميدي غنائي، والأمر هنا لا يتعلق بإعادة إحياء أغاني قديمة وحسب، بل صناعة أغنيات جديدة خاصة بهم، لهم شاعر وموزع، وأمرًا احترافي عالي الجودة مثل أغنية “ست البنات” من كلمات الشاعر عماد فتحي، وتوزيع إسلام الحسن، وأغنية “عوزا فلوس يا بابا”، وأغنية “مالك يا بابا”، الأمر الذي ساعد بالتأكيد على انتشار تلك الأغاني لأنها ذات جودة عالية، ولم يستغلوا شهرتهم ويقدموا أي شيء رديء بدعوة أن الجمهور سيتقبله أو يحتاج إليه.
بِطلة سينمائية رائعة تظهر في الفيديوهات الطفلة “كوكي” صاحبة الظل الخفيف، ويظهر معها والدها ليساعدها في تأدية رسالتها داخل الفيديو، ليقدما فيديوهاتهم من خلال محتوى تمثيلي كوميدي، ومن خلال أغانيهم المميزة التي ينجذب إليها الجمهور، والتي تجعل منهم مقدمي محتوى متميزين، الأمر الذي ساهم في وصولهم لمليون مشترك في فترة قصيرة جدًا، وأصبح وجه “كوكي” مألوفًا لدى جميع المتابعين، ولدى رواد السوشيال ميديا .
أشاد رواد السوشيال ميديا بكوكي وبموهبتها، كما أشادوا بالموضوعات التي يتم تناولها واصفين إياها بأنها موضوعات ذات قيمه ومن داخل البيوت والواقع المصري بطريقة تليق بذائقة المشاهد المصري بدون شتائم أو عري ا أي طرق مبتذلة لجلب العديد من المشاهدات، في الأخير يجب أن ندعم وبكل قوة المحتوي المتميز، حتى يظهر مقدميه على الساحة كبديل مميز لأنصاف المواهب.