
بقلم رندا بدر
في لحظة تاريخية خطيرة، تقبل الجماعة الصحفية على انتخابات نقابية عاصفة قد تكون الأخيرة قبل أن تعلن وفاة مهنة تحولت إلى جثة بفعل قوانين عتيقة ومجالس عاجزة. ها أنا أطرح أفكاري كبداية للنقاش، كحجرٍ يلقى في بحيرة راكدة، فهل نستفيق أم ننتظر نعاة المهنة؟
القانون العتيق: جريمة بحق المستقبل!
أولى قضايانا المعلقة كسيفٍ فوق رقابنا: قانون النقابة الذي تحول إلى “تراثٍ” يحاكى في متاحف التاريخ، بينما المهنة تتخبط في عصر الرقمنة والاقتصاد المضطرب. القانون الحالي ليس مجرد وثيقة بالية، بل هو شريك في جريمة “المنح” و”الظلم” داخل لجنة القيد، حيث توزع الحقوق بِمكيال الولاءات، لا الكفاءة. هل يعقل أن يصبح القيد العشوائي سيد الموقف، بينما آلاف الصحفيين الشباب يحاصرون خارج الأسوار؟ لقد آن الأوان لثورة تشريعية تبدأ بإسقاط القديم وبناء قانون يعترف بالواقع الجديد، لا بوهم الماضي.
الوعي: سلاح في مواجهة الانقراض!
نحتاج إلى وعيٍ يتحول إلى إيمانٍ جماعي بأن المهنة على حافة الهاوية. الوعي ليس شعاراتٍ نرفعها في المؤتمرات، بل هو إدراك بأن أزماتنا مترابطة: عقود العمل الوهمية التي تتحايل على الحد الأدنى للأجور، ولائحة المعاشات التي تُكافئ الخبرة بإهانة مالية، والمواقع الإلكترونية التي تستغل “الحرية” لتركيع الكلمة. لن ننتصر إلا بوعيٍ يربط بين حقوقنا الاقتصادية وحريتنا المهنية.
الانتخابات القادمة: معركة البقاء!
مجلس النقابة القادم ليس منصة للمناورات، بل هو جبهة لإنقاذ ما تبقى. نحتاج أعضاء يدركون أن “القوة” ليست في عدد المقاعد، بل في القدرة على فرض لائحة أجورٍ عادلة، وإلزام الصحف والمواقع بتعيين نسبة من النقابة، ووقف نزيف البطالة. المجلس الضعيف سيكون شاهد زورٍ على جنازة المهنة.
صناعة الأمل مهمة مستحيلة… لكنها واجبة!
نعم، الأمل صعب في زمنٍ تسحق فيه الكلمة بين مطرقة الملاك الجدد وسندان الفقر، لكن الثورة تبدأ بخطوة. الانتخابات القادمة ليست استحقاقاً روتينياً، بل فرصةٌ أخيرة لنسأل أنفسنا: هل نريد نقابةً تشبه المتحف، أم نقابةً تُشبه الصحفيين؟
هذا الكلمات عوة للنقاش والحوار لا للقطيعة، فالبحر هائج والصحفيون إما أن يملِكوا زمام القارب، أو يغرقوا جميعاً.
اكتشاف المزيد من بي بي سي مصر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.