بعد أن تعرضنا في المقال السابق لموقف الأديان من المثلية الجنسية, وبينا في ذلك ما نحتاج إلى تبيينه, فكان من الأولى أن نطرح أقوى حجة يستند عليها أصحاب المثلية الجنسية, في اعتقادهم أن مثليتهم تقع رهينة وضحية البيولوجية التي يخلقون بها ولكم في ذلك عبر:
يقول بروس ليبتون من مؤسسي علم البيولوجيا الجديدة للخلية: “نحن قادرون على برمجة الخلية من خلال غشاء الخلية (عن طريق البيئة وحالتنا النفسية والروحية)، ومِنْ ثَمّ فنحن سادة مصائرنا ولسنا ضحايا لجيناتنا”
ويقول أيضًا بروس ليبتون: “النواة ليست مخ الخلية, بل هي غددها التناسلية (المناسل) التي تقابل المبيضين والخصيتين في الحيوانات. وأنني أعتبر أن مخ الخلية وسر الحياة هو غشاء الخلية الذي يُحيط بها ويحفظ مكوناتها, ذلك الغشاء المعجز الأعجوبة. وينبغي النظر إلى نواة الخلية باعتبارها اسطوانة الذاكرة التي تحمل وصفة بناء البروتينات, وليس باعتبارها المبرمج. والدليل على ذلك أن إزالة نواة الخلية يؤدي إلى فقدان القدرة على بناء البروتينات, وليس فقد برامج الخلية”
ويقول عمرو شريف أستاذ الجراحة الأسبق بكلية الطب – جامعة عين شمس – والمهتم بعلم الأحياء والتطور الموجه والرد على القضايا الإلحادية, والمحاور لبروس ليبتون السابق: “الإنسان ليس بهيمًا تحركه الغرائز فقط. إن ما طلب منا هو توجيه هذه الغرائز وترشيدها، وفي ذلك ترقية للنفس وسمو للروح, فالإنسان سيد جيناته”
وقد نشر عالِم الوراثة الأمريكي الشهير دين هامر, بحثاً حول أكذوبة الربط بين علم الجينات والمثلية الجنسية، فتلقَّت الصحف الأمريكية الخبر ونشرته تحت عنوان مثير، هو : (باحث يكتشف جين الشذوذ الجنسي) إلّا أن الباحث نفسه سارع إلى نفي الأمر، وصرّح قائلاً : “لم نكتشف الجين المسؤول عن التوجّه الجنسي، بل نعتقد أنه ليس موجودًا أصلاً” .
وقام فريقٌ من الباحثين بجامعة “نورث ويستيرن” الأمريكية في عام 2014 ببحثٍ قد شمل فحص الحمض النووي لـ 400 ذكر من المثليين الجنسيين، ولم يتمكّن الباحثون من العثور على جين مسؤول عن التوجه الجنسي عند هؤلاء المثليين .
وقد نشر البروفيسور”دوغلاس أبوت” أستاذ الدراسات العائلية في جامعة نبراسكا, مقالة قال فيها : “كثير من الناس يعتقدون أن الجينات تتسبب في سلوك نفسي مركّب، لكن الأمر ليس كذلك، ففي أغلب الحالات، ينتج السلوك من تأثير جيني نتيجة تفاعله مع العوامل البيئية”
وقد نفى الكاتبان العلميّان الأخوان “نيل وايتهيد” و “بريار وايتهيد” في كتابهما (جيناتي جعلتني أفعلها!) أية علاقة بين المثلية والعوامل الوراثية وقالا في مقدّمة الكتاب: “إن الغرب كان موضوعاً لحملة من التضليل والخداع في السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة، جعلت مؤسساته العامة من المشرّعين إلى القضاة ومن الكنائس إلى التخصّصات الصحيّة يؤمنون بشكل واسع أن المثلية الجنسية موروثة عضوياً ولا يمكن الخلاص منها”
وقد وافقهما بهذا الرأي الباحث الإعلامي “مارك دايس” الذي كتب يقول : “إن الإعلام الليبرالي أجرى عملية غسيل مخ من خلال بروباغاندا المثليين الجنسيين حتى يقنع الأمريكان بارتفاع نسب الشذوذ الجنسي”.
ومن العجب العجاب والمضحكات المبكيات أن أغلب من يروج بفصل الأديان عن مجالات الحياة سواء كانوا من الملاحدة أو بعض المثليين الجنسيين, حجتهم في ذلك أن الدين يُقيد الحرية البشرية ويُسِّيرها ولاليعطيها حق الاختيار فيما تفعله, ثم يناقضون أنفسهم ويقولون أن أفعال الإنسان رهينة قوانين الطبيعة والبيولوجية !!!
ومن يتمعن في الدين جيدًا سيجد أن الله أعطى الحرية الكاملة لاختيار البشر لأفعالهم, فهو الخالق للقانون السلبي والإيجابي ولكنه ترك التفاعل مع هذه القوانين للبشر أنفسهم !!!
يقول عز وجل: ﴿وَنَفْسٍ وَما سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾[الشمس:7-10].
فالله عز وجل لا يُلهم إلا التقوى والخير وما يليق بجلالته, أما الفجور فهي ما تخرج من الإنسان بسبب اختياره, مثل غريزة العدوان المودوعة فيه, فمن يدافع عن نفسه من خطر حل عليه, حقق الاستخدام الأمثل لغريزة العدوان, ولكن عندما يُخرجها بطريقة سلبية, فيغزو المجتمع بعدوانه, فإنه بذلك يكون قد حقق الفجور. فإن عدل عنها, استوحى تحكمه فيها من خلال اختياره لغريزة الأخلاق والدين, والعلو بهما على غريزة العدوان. أي أن الفجور تظهر باختفاء التقوى فألهم الله التقوى ببيانها الواضح وألهم الفجور ببيانها العكسي عند التخلي عن التقوى. وفي ذلك معنى التفاعل بين قوانين السالب والموجب.