أول معيد جامعي كفيف : فقدت بصري بسبب طفل.. والطبيب رفض الموافقة على تعييني

أول معيد جامعي كفيف : فقدت بصري بسبب طفل.. والطبيب رفض الموافقة على تعييني

حوار : محمد عاشور – إسراء خالد 

فقد بصره نتيجة تعدي رجلا عليه في السابعة من عمره، وكانت طموحاته الالتحاق بكلية الطب لما تميز به من نبوغ في بداية طفولته، لكن الحادثة حالت دون ذلك، فقرر الالتحاق بكلية الإعلام وتفوق فيها؛ إذ واجهته صعوبات لكي يتعين معيدا بالكلية وساعدته في تجاوزها عميدة كلية الإعلام السابقة الدكتورة جيهان يسري، والدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة السابق.

أحمد رحمة معيد بقسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة، 26 عاما، مواليد الزقازيق الشرقية، سلسلة طويلة من تخطي الصعاب، ومحاولة تجاوز جميع العقبات التي تحول دون الوصول لأهدافه، يكشفها خلال حوار لـ بوابة «الهلال اليوم»، وإليكم نص الحوار:

كيف وقعت الحادثة التي تسببت في فقدك للبصر؟

الحادثة كانت في سن صغير، عندما كنت في الصف الأول الابتدائي وعمري 7 سنوات، ووقعت الحادثة بتعدي رجلًا عليا بالضرب ظنًا منه أنني تشاجرت مع ابنه، ونظرًا لصغر سني أثر الضرب عليا تأثيرًا مبرحًا.

– ماذا نتج عن الحادث؟

تسبب في حدوث انفصام بشبكية العين والدخول في دوامة من العمليات الجراحية، ووصلت لـ27 عملية أسفرت في النهاية إلى فقد بصري.

– كيف أثرت الحادثة على المسيرة التعليمية؟

وكان للحادثة تأثيرًا بالغًا على مسيرتي التعليمية، والتحقت بالتعليم الخاص بالمكفوفين، وحصلت على الترتيب الأول على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة، ثم التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2012.

– لماذا وقع الاختيار على كلية الإعلام بالتحديد؟

كانت كلية الإعلام رغبة وهدف أسعى للوصول له، فقبل الحادثة كنت أطمح في أن أصبح طبيبًا، فكنت متميزًا بالنبوغ والذكاء منذ الصغر، وتعلم الأشياء في زمن وجيز، وهذا ما لاحظه الجميع وكانوا يشجعوني دائمًا أن أصبح طبيبًا.

لكن تغيير الحال بعد الحادثة وانتقلت الرغبة إلى كلية الإعلام، ونجحت في تحقيق ذلك الهدف عندما تم تعيني معيد بقسم العلاقات العامة والإعلان في عام 2017.

– ما سبب تغيير قسم التخصص من قسم الإذاعة والتليفزيون إلى قسم العلاقات العامة والإعلان؟

التحقت بقسم الإذاعة والتليفزيون بناءً على رغبة والدتى التي كان ترغب في رؤيتي مذيعًا للراديو أو التليفزيون، لكنني كنت مائلًا أكثر إلى قسم العلاقات العامة والإعلان، خاصًة بعدما درست بعض المقررات في ذلك القسم مع دكاترة ذات مقام مثل الدكتور سامي عبد العزيز، والدكتور علي عجوة.

واتضح أمامي أن قسم العلاقات العامة أوسع في المجال، بالإضافة إلى شغفي ببعض الشخصيات داخل القسم، مثل الدكتور محمد رفعت، والدكتور صفوت العالم، اللذين كانا لهما دورًا كبيرًا في زيادة شغقي بالقسم، والرغبة في التوسع داخل مجال العلاقات العامة والإعلان، ما أدى إلى تحويل قسم التخصص بعد أسبوعين من الدراسة فلم أجد شغفي في قسم الإذاعة والتليفزيون، ولم تتقبل والدتي الأمر في البداية، ولكن استطعت أن أثبت لها أن اختياري لم يكن خاطئًا.

– كيف تعاملت كلية الإعلام مع رغبتك في أن تعيين معيدًا؟

تعاملت الكلية معي باحترام كبير جدًا، وساندتي للتعيين، لكن واجهتني صعوبات فيما يتعلق بالكشف الطبي فقبل التعيين يجب اجتياز الكشف الطبي الذي يثبت اللياقة الجسدية، وعندما ذهبت لإجراء الكشف الطبي، اعترض الطبيب المعني وتساءل كيف يصبح معيدًا يشرح للطلاب وكيف التحق بالكلية من الأساس؛ فالكشف الطبي للالتحاق بالكلية يتطلب مستوى نظر معين، ودخولي الكلية من البداية غير قانوني.

وتوجهت بعد ذلك إلى الدكتورة جيهان يسري، العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة، والتي قدمت طلبًا للدكتور جابر نصار، الرئيس الأسبق لجامعة القاهرة، وتضمن الطلب: «الطالب أحمد رحمة من الطلاب المتفوقين الذين يجيدون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وهو طالب مجتهد والأول على دفعته، ومن حقه أن يتعين معيدًا»، ووافق على تعيني، ثم رجعت إلى الطبيب الخاص بالكشف الطبي ومنحني الموافقة للتعيين.

– ما هي طبيعة المشاكل التي تواجهك أثناء إلقاء المحاضرات وكيفية التعامل مع الطلاب؟

المشاكل التي تقابلني في المجمل يعاني منها عدد كبير من أعضاء التدريس بالجامعات، وليست مختصة بحالتي، مثل وجود عددا من الطلاب غير المنتبهين، مع وجود بعض الثرثرة والضوضاء.

لكن المشاكل التي كانت تواجهني على المستوى الشخصي وجود صعوبة في الحركة، والحيطة من أن اصطدم بشيء داخل المحاضرة، وغالبًا ما كنت أركز انتباهي مع جزء معين في القاعة دون توزيع التركيز على المحاضرة بأكملها.

ولكن مع الوقت تم التغلب على هذه العقبات وأصبحت أتمكن من الحركة بسلاسة داخل المحاضرة، بالإضافة إلى القدرة على تذكر أسماء الطلاب مما يزيد من انتباههم، إلا أن التكنولوجيا الحديثة، ومساعدة عائلتي وزوجتي يساعد على إزالة الكثير من العقبات، وذلك من خلال تجهيز المادة في هيئة pdf، أو power point، بالإضافة إلى مراجعتي جيدًا للجزئية التي سأطرحها على الطلاب، وإتقانها.

– ما هو الدعم الذي حصلت عليه سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات؟

لم أحصل حتى اليوم على دعم خاص بالمكفوفين، وكل ما حصلت عليه هو الدعم المقدم لأوائل الثانوية العامة على مستوى الجمهورية مثل غيري من الطلاب، ولكن غير ذلك لم أحصل على دعم، وأجد العديد من الصعوبات، والتي على رأسها التباعد الكبير بين مقر عملي والذي يقع في جامعة القاهرة، وبين محل سكني في الزقازيق، فلم أجد دعمًا بتوفير سكن قريب من الجامعة، بالإضافة إلى محاولتي التقديم على موقع الاشتراك في خدمة سيارة لذوي الاحتياجات الخاصة، واستمرت محاولاتي قرابة الثلاثة شهور، ولكن الموقع لا يستجيب.

– ما الرسالة التي تحب أن توجهها للشباب؟

أتمنى من الجميع أن يجتهد ويبذل قصارى جهده، فما عليك إلا السعي والتوفيق من عند الله، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *