ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ…!!

ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ…!!

بقلم: محمد سعد عبد اللطيف. مصر،

 

في إحدى مقاطعات شمال شرق مصر الريفية، حيث مسقط رأسي في إحدى القرى، وكان من المعروف أن المنازل المقامة خارج أو علي أطراف الكتلة السكنية، يربي أصحابها الكلاب للحراسة. ولكن كانوا يبحثون عن أفضل السلالات من الكلاب رغم وجود كلاب ضالة كثيرة في القرى والنجوع، كان هناك شابا يحب تربية الكلاب، وكانت كل أمانية أن يصبح صاحب حظيرة مواش وأغنام. وكان جارة له نفس الحظيرة والأغنام وحراسة من الكلاب… بدأ الخلاف بينهم ووقعت مشاجرة بين العائلتين…، علي من قتل الكلب.؟

وتدخل أصحاب الهامات وكبار القوم لوقف نزيف الدم من اشتباكات وقذف أحجار من الجانبين الجاريين… وعقدوا جلسات في المحكمة الفيدرالية بالمقاطعة للوصول الي حل يرضي الطرفين. وفي نهاية الجلسة قال المرحوم صديقي فهيم حسين ما احلي هذة الجلسات الكلابية… وفي النهاية سألني هو المرحوم كان اسمة اية…؟؟

وأثناء قرائتي هذا الاسبوع توقفت عند رواية للأعرابي…

ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺣﻜﻴﻤﺎ ﺃﻋﺮﺍﺑﻴﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻭﺑﻨﺎﺗﻪ، ﻟﻬﻢ ﺇﺑﻞ ﻭﻏﻨﻢ ﻳﺮﻋﻮﻧﻬﺎ، ﻭﻟﻬﻢ ﻛﻠﺐ ﻳﺤﻤﻲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺋﺎﺏ، ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺟﺎﺀ ﺍﺣﺪ ﺳﻔﻬﺎﺀ ﺍﻟﺤﻲ ﻭﻗﺘﻞ ﻛﻠﺐ ﺍﻟﺤﺮﺍﺳﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ… ﻓﻌﻠﻢ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ ﻭﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ” ﺃﺑﻴﻬﻢ” ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺇﻥ ﻓﻼﻧﺎ ﻗﺘﻞ ﻛﻠﺒﻨﺎ

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﺫﻫﺒﻮﺍ ﻭاﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ…!

ﻓﺠﻠﺲ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﻳﺘﺸﺎﻭﺭﻭﻥ، ﻫﻞ ﻳﻨﻔﺬﻭﻥ ﺃﻣﺮ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﺑﻘﺘﻞ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ…؟ ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ( ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻛﺒﺮ ﻭﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺨﺮﻑ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ)، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺑﻜﻠﺐ، ﺃﻫﻤﻠﻮﺍ ﺃﻣﺮ ﺃﺑﻴﻬﻢ…

ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪ، ﻫﺠﻢ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﺳﺎﻗﻮﺍ ﺇﺑﻞ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻏﻨﻤﻪ، ﻓﻔﺰﻉ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻰ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻫﺠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﺳﺎﻗﻮﺍ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺑﻴﻬﻢ: ﺍﺫﻫﺒﻮﺍ ﻭﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ…،،

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺑﻨﺎﺋﻪ” ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ، ﻧﺤﺪﺛﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﺳﺮﻗﺔ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ “…!

ﻭﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻫﺠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﺧﺮﻯ ﻭﺳﺒﻮا ﺇﺣﺪﻯ “ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ”، ﻭﺳﺎﻗﻮﻫﺎ ﻣﻌﻬﻢ، ﻓﻔﺰﻉ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻬﻢ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺳﺒﻴﺖ ﺃﺧﺘﻨﺎ ﻭﻫﺎﺟﻤﻮﻧﺎ ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﺣﻮﺍ ﺣﺮﻣﺔ ﺑﻴﺘﻨﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﺃﺑﻮﻫﻢ ﺍﻗﺘﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻜﻠﺐ…؟؟

ﻓﺠﻠﺲ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻫﻞ ﺟﻦ ﺃﻡ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺳﺤﺮ ﺃﻡ ﻣﺎﺫﺍ…؟ ﻓﻘﺎﻡ ﺇﺑﻨﻪ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺄﻃﻴﻊ ﺃﺑﻲ ﻭﻟﻨﺮﻯ ﻣﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ، ﻓﻘﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﻔﻪ ﻭﺣﻤﻠﻪ ﻭﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ ﻭﻓﺼﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺴﻴﻔﻪ، ﻓﻄﺎﺭﺕ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﻟﻘﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ، ﻭﻃﺎﻓﺖ ﺍﻷﻓﺎﻕ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ، ﻓﻜﻴﻒ ﺳﻴﻔﻌﻠﻮﻥ ﺑﻨﺎ ﻭﻗﺪ ﺳﺮﻗﻨﺎ ﺇﺑﻠﻬﻢ ﻭﻏﻨﻤﻬﻢ، ﻭﻓﻲ ﻋﺘﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺴﻠﻞ

ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﻭﺃﻋﺎﺩﻭﺍ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﺍﻟﻰ ﻣﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﻋﻠﻤﺖ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻴﺔ ﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻘﺘﻠﻬﻢ ﻗﺎﺗﻞ ﻛﻠﺒﻬﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﺭﺟﻞ ﺑﻜﻠﺐ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺳﻴﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﻌﻨﺎ ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻴﻨﺎ ﺑﻨﺘﻬﻢ ﻓﺎﻋﺎﺩﻭﺍ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻭﺧﻄﺒﻮﻫﺎ ﻻﺑﻦ ﺷﻴﺦ ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﻢ…

ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻠﺲ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻓﻬﻤﻮﺍ ﺣﻜﻤﺔ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﻑ…!!

ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﺾ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻮﻗﻚ ﺳﻴﺘﺠﺮﺃ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻗﺘﻚ ﻓﻲ ﻭﺿﺢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻻ ﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻜﻮﺗﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﺤﻬﻢ ﺍﻟﺘﻄﺎﻭﻝ ﻋﻠﻴﻚ ﺩﻭﻥ ﺣﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﺧﻮﻑ

ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻔﻮ،

ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻣﻘﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﻘﺪﺭﺓ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﻔﻮﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﻋﺠﺰ ﺑﻞ ﻳﺴﻤﻰ ﺟﺒﻨﺎ ﻭﺫﻻ…! ‘

حقا انة عصر القوة عصر بلا فضيلة ولا أخلاق،

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب مصري وباحث

يسعدنا ويشرفنا مرورك وتعليقك