كامل الوزير: لا حوادث مجددا في ظل التطوير

كامل الوزير: لا حوادث مجددا في ظل التطوير

بكل تواضعٍ وبكلمات لا تخرج إلا من رجلٍ مسئول، قال وزير النقل، الفريق كامل الوزير “أنا غلطان”، لكنه في الوقت ذاته أكد أنه لم يفكر في الاستقالة بعد حادث تصادم قطاري سوهاج، مؤكداً أنه لم يتعود الهروب من المسئولية.

وفي أول حوار يجريه منذ وقوع الحادث،   وعد الوزير بعدم تكرار حوادث كبرى مرة أخرى، خصوصاً في ظل خطة تطوير مرفق السكة الحديد، التي تنتهي مرحلتها الثانية في 30 يونيو 2022، لكنه لم يستبعد وقوع ما سماه “حوادث صغيرة”.

وكشف الوزير أنه منذ توليه حقيبة النقل، لا ينام سوى أربع ساعات يومياً، ويواصل عمله الميداني بصفة مستمرة، مؤكداً أن الهدف هو الوصول بمصر لأن تكون في مصاف الدول المتقدمة.. وفيما يلي نص الحوار.

◄ منذ توليك حقيبة وزارة النقل أحدثت طفرة فى مرفق السكة الحديد، لكن الحوادث لم تتوقف، فما السبب؟

هذا واجبنا، وقد أعددنا خطة على ثلاث مراحل، الأولى انتهت في 30 يونيو 2020، والثانية تنتهي في 30 يونيو 2022، بينما تنتهي المرحلة الأخيرة في 30 يونيو 2024، وبانتهائها سيكون هناك أمان كامل لمرفق السكة الحديد وللركاب، وحوادث القطارات ستظل موجودة طالما يوجد عنصر بشري وطالما هناك سلوكيات خاطئة من جانب الركاب، فعلى سبيل المثال توجد كل وسائل التحكم في الجرار، فنجد سيارة تعبر شريط السكة الحديد من المكان غير المخصص لعبورها فتحدث الكارثة. وكذلك الصبية الصغار في بعض القرى الذين يلقون الحجارة على القطارات أثناء سيرها ما يؤدي إلى تحطيم زجاج العربات وأحياناً يتخذ سائق القطار قراراً بالفرملة المفاجئة فتحدث مشكلة، لكن ما أؤكد عليه أنه مع التطوير المستمر الذي يشهده قطاع السكة الحديد فإن حوادث تصادم القطارات لن تحدث مرة أخرى، إلا في حالة حدوث شيء خارج توقعاتنا، لكن ستظل الحوادث البسيطة التقليدية.

◄ ماذا تقصد بالحوادث التقليدية البسيطة؟

على سبيل المثال، قد يُدخِّن أحد الركاب سيجارة ويلقيها داخل القطار، فتسببت في اندلاع حريق.. وبالتأكيد سيتم التعامل معه من خلال وسائل الإطفاء المتوافرة داخل عربة القطار، لكن في النهاية هو حادث مهما كان بسيط. وهذه النوعية من الحوادث قد لا تؤدي إلى حالات وفاة مثلما الحال في الحوادث الكبيرة، لكن بانتهاء خطتنا للتطوير في مرحلتها الثانية والخاصة بالخطوط الرئيسية في يونيو 2022 ستنتهي الحوادث الكبيرة.

◄ ماذا عن كواليس اتصالات الرئيس السيسي بك لمتابعة مستجدات حادث تصادم قطاري سوهاج؟

الحادث وقع ظهر يوم الجمعة الماضي، وبعد دقائق من انتهاء صلاة الجمعة، كان أول اتصال وصلني من الرئيس السيسي وسألني عن تفاصيل الحادث، فأبلغته أن هناك قطاراً متوقفاً وآخر اصطدم به، وهناك عدد من الإصابات والوفيات، ولا زلت في مرحلة جمع التفاصيل.

بعد ذلك مباشرة، جهزت سيارتي واتجهت إلى مطار شرق القاهرة، بعدما أجريت اتصالاً بوزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، وطلبت منه طائرة عسكرية للانتقال سريعاً إلى موقع الحادث في سوهاج، فوافق الوزير على الفور، وبمجرد وصولي إلى المطار، جاءني الاتصال الثاني من الرئيس السيسي، وحينها كنت قد بدأت في جمع معلومات أكثر بخصوص الحادث، فقال لي نصاً: “أنا عاوز أعرف الحقيقة وايه اللي حصل بالضبط، ولازم نحدد المخطئ، ونحاسبه”، فقلت له: “نحن ملتزمون بذلك والمخطئ سيُحاسب ولن نخفي الحقيقة”.

◄ متى وصلت إلى موقع الحادث ومن كان برفقتك؟

بعد نصف الساعة تقريباً كنت في موقع الحادث، وبرفقتي قيادات هيئة السكة الحديد وأعضاء في مجلس النواب والمستشار حمادة الصاوي النائب العام، وقمنا بمعاينة موقع الحادث وبدأنا في رفع العربات، ثم انتقلنا إلى مستشفى سوهاج العام للاطمئنان على المصابين.

وهناك سألت على مساعد قائد القطار الثاني ويُدعى “أبو الحجاج”، وعلمت أنه كان ضمن طاقم قطار تعرض لحادث في عام 2007، ووجدت في جسمه آثار الحادث القديم، وهو بطل لأنه بعد هذا الحادث طلب عودته للعمل مرة أخرى، فشددت على يده ورفعت من معنوياته، ووجدت أن لديه إصراراً على العودة مرة أخرى للعمل وسأساعده على ذلك في حال إن لم يكن مداناً في الحادث الأخير، ولكن لو أثبتت النيابة أنه مخطئ ستتم محاسبته وفقاً للقانون، ولن يقود قطارات مرة أخرى.

◄ هل تواصل معك الرئيس السيسى مجدداً خصوصاً بعد تضارب المعلومات بشأن أعداد الإصابات والضحايا؟

نعم، اتصل بي الرئيس للمرة الثالثة أثناء وجودي في المستشفى، وكان ذلك في حدود الساعة التاسعة مساءً، للمتابعة والاطمئنان بشأن الإجراءات التي جرى اتخاذها، من رفع آثار الحادث، ونقل المصابين وجثث الضحايا إلى المستشفيات، وحصر عدد الوفيات، وهنا سألني الرئيس عن عدد الوفيات والمصابين، بعدما تداولت بعض وسائل الإعلام أرقاماً كبيرة، فقلت له: “لا أعلم، حتى الآن العدد غير معلوم على وجه الدقة، ولكنها أقل بكثير مما هو متداول”.

وأنا قلت لوزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، أعتقد أن هناك بعض العناصر الإيثارية قامت بنشر شائعات وضاعفت أعداد الضحايا بهدف تضخيم الحدث وإثارة الرأي العام.

◄ وماذا عن تفاصيل تواصل رئيس الوزراء معك؟

اتصل بي الدكتور مصطفى مدبولي بعد اتصال الرئيس السيسي بخمس دقائق، وأبلغته بنفس المعلومات التي أبلغتها للرئيس، وأن أعداد المصابين والضحايا غير معلومة بدقة، فسألني عمَّا سأفعله، فأبلغته أنني في طريقي إلى موقع الحادث، وقد توجه هو الآخر إلى المستشفيات برفقة الوزراء المعنيين، وعلى رأسهم وزيرة الصحة ووزير التنمية المحلية والتعليم العالي والتضامن الاجتماعي إلى جانب محافظ سوهاج، قبل أن يغادر سوهاج في المساء، وكنت أنوي البقاء في سوهاج لحين عودة حركة القطارات إلى طبيعتها ولكنني غادرت فجراً إلى القاهرة وكانت برفقتي وزيرة الصحة، لأن الرئيس طلبنا لحضور اجتماع طارئ صباح السبت.

◄ ما الرسالة التي توجهها لجماعة الإخوان الإرهابية التي حاولت استغلال الحادث لتأليب الرأي العام؟

أقول لهم مهما فعلتم فإن هذا لن يثنينا عن إتمام مهمتنا في تطوير كل قطاعات وزارة النقل، والحكومة عموماً لن تتراجع عن خطة التطوير التي وضعتها بتكليف من الرئيس السيسي، وبإذن الله سننهض بكل مرافق الدولة، واستكمال كل المشروعات القومية التي تخدم المصريين ومصر قادرة بتوفيق الله على القيام بذلك، ولن نلتفت لهذه الفئة المخربة التي تحاول إحباطنا وتحطيم معنوياتنا.. نحن جنود مقاتلون وهدفنا أن نصل ببلدنا أن يكون في مصاف الدول المتقدمة.

◄ بصراحة، هل فكرت في الاستقالة بعد الحادث الأخير؟

(رد سريعاً): لا يمكن، فالهروب من المواجهة ليس ضمن أبجديات ثقافتي ولا ضمن قاموس حياتي أن أتقهقر أو أنسحب من موقع المسئولية، فقد تعودت منذ صغري أن أكون قائداً. ولا أحد يعمل ويتحرك كثيراً ولا تحدث عنده أخطاء أو مشاكل ولكن أتمنى ألا تكون هناك مشكلات، وأنا موجود في وزارة النقل تحت أمر شعب مصر والرئيس السيسي الذي وثق بي، وتكليفه لي بتولي حقيبة النقل شرف كبير وهذه الثقة سيف على رقبتي ولا بد أن أرد هذا الجميل بأن أعمل كل ما أستطيع وأبذل كل جهدي أن أسعد هذا الشعب العظيم.

◄ نراك دائماً في قلب الأحداث ومتابعاً مستمراً لكل ما يدور في قطاع النقل بشكل ميداني.. كم ساعة ينامها كامل الوزير يومياً؟

أنام في اليوم أربع ساعات فقط! من الساعة الواحدة إلى الخامسة صباحاً.. أصلي الفجر ثم أذهب للعمل، حيث أكون في الوزارة في حدود الساعة السابعة صباحاً، وأظل أباشر عملي بما في ذلك جولاتي الميدانية وزياراتي تتتنوع بصفة شبه يومية لمتابعة مشروعات النقل في المحافظات المختلفة، ويستمر ذلك حتى الواحدة صباح اليوم التالي.. وهكذا.

◄ هل التقيت عمال السكة الحديد بعد الحادث وماذا قلت لهم؟

بالتأكيد، وقلت لهم: “من النهارده مافيش نوم”.

◄ماذا تقول لأهالي الضحايا والمصابين؟

– قدمت التعازي لكل أهالي الضحايا، وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين، وقدمت اعتذاري وأسفي عن الحادث، وهذا ليس عيباً، فأنا غلطان، لأنني حاولت أن أرضي الناس، فمع بداية خطة تطوير السكة الحديد في أي بلد يتم وقف العمل فيها لحين الانتهاء من تطوير المزلقانات والمحطات والعربات.. إلخ، لكنني لم أفعل ذلك حتى لا يؤثر ذلك على مصالح الناس ولا تتعطل أشغالهم.. أنا غلطت أنني لم أصارح الناس من البداية بأن هناك خطورة لأن السكة كانت “مفككة”، وكان الحل هو أن نسير بهدوء.. ولو قلت هذا الكلام للناس لأصابهم الخوف والقلق، لذا اعتمدت على خبرة ومهارة السائقين.. ولكن قدر الله وما شاء فعل ورب ضارة نافعة.

◄ ما الذي يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث حين يتم تشغيل القطار السريع باهظ التكلفة؟

القطار السريع مسيطَر عليه تماماً وبه وسائل تحكم وأمان عالية، حيث ستديره شركة عالمية لديها خبرة، لمدة 15 سنة، إلى أن نكتسب منهم الخبرة، وبالتالي لن يتعرض لحوادث إن شاء الله.

مع العلم أنه بدخول القطار السريع إلى الخدمة في منتصف عام 2024، سيعمل على تخفيف الأحمال عن الخطوط الحالية، خاصة خط الصعيد الذي يخدم كل محافظات الوجه القبلي والذي يمر بكل المراكز والقرى وكل المحافظات، والمطلوب منه التوقف فيها وأن يخدم الأهالي، وهذا الكم الهائل من البشر أثناء تحركهم، وبالتالي عند تشغيل الخط السريع في الظهير الصحراوي لهذه المدن سيخف العبء عن المتنقلين بين تلك المناطق، بما يتيح فرصة لتحسين الخدمات على الخط القديم.

◄ ما أبرز السلوكيات السلبية التي يرتكبها بعض الركاب وتتمنى القضاء عليها؟

أتمنى أن يقوم الركاب بمساعدة الوزارة والعاملين بها في تحسين بعض السلوكيات، حتى يستطيعوا تقديم الخدمات بسهولة ويسر، ومثال على ذلك ظاهرة الباعة الجائلين، التي يجب مواجهتها للحفاظ على أمن وسلامة الركاب، وعدم عبور السكك الحديدية من غير الأماكن المخططة “المزلقانات المخططة”، ولا يجب التهرب من دفع قيمة تذاكر ركوب القطار وضرورة دخول المحطات من الأبواب الرئيسية لها.

◄ ما المبلغ المخصص لتطوير السكة الحديد؟

– تم رصد حوالي 225 مليار جنيه لتطوير شبكة السكك الحديدية الحالية، التي تشمل 10 آلاف كيلومتر طولاً، من إجمالي 1.5 تريليون جنيه تم رصدها لجميع القطاعات التابعة لوزارة النقل، ويجري حالياً عمل شبكة قطار سريع مكونة من ثلاثة خطوط كهربائية بإجمالي 1800 كيلو تقريباً، بتكلفة إجمالية تصل إلى 360 مليار جنيه.

◄ ما أهم الأولويات في عملية التطوير؟

الموضوع الأهم حاليا هو تطوير الإشارات على خطوط السكك الحديدية، فهناك ثلاثة خطوط رئيسية بإجمالي ألفي كيلومتر تقريباً (القاهرة – أسوان)، و(القاهرة – الإسكندرية)، و(بنها- بورسعيد)، التي يتم العمل على تطويرها الآن، وتقوم بذلك ثلاث شركات عالمية بالتعاون مع شركات مصرية متخصصة، ومن المتوقع انتهاء العمل منها بالكامل في 30 يونيو 2022، وستكون خطوطا آمنة بالكامل تعتمد على المعدات دون تدخل العنصر البشري.

والأولوية الثانية التي سيتم الانتهاء منها في منتصف عام 2024 تشمل باقي الجرارات البالغ عددها 260 جراراً وباقي العربات وألف عربة بضائع، و200 عربة نوم، بالإضافة إلى ازدواج وتطوير جميع خطوط السكك الحديدية المتبقية، التي تصل أطوالها إلى 8 آلاف كيلومتر، وتشمل خطوط الضواحي.

 

المصدر اخبار اليوم

https://akhbarelyom.com/news/newdetails/3313516/1/%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D8%B3%D9%88

يسعدنا ويشرفنا مرورك وتعليقك