فتوة الحرفيش الذي رحل بدون ضجة اعلامية
كتب/ زكريا يحيى عراقي
يُعَدُّ الفنان إبراهيم الشرقاوي واحدا من الممثلين الذين أبدعوا في أداء أدوارهم التي جسدوها مسرحيا وسينمائيا وتليفزيونيا، وربما لا يلتفت الكثيرون منا إلى اسم الفنان إبراهيم الشرقاوي صاحب الوجه البشوش والملامح الطيبة والذي عرف بأدائه المتميز الذي يدخل القلوب ولمع سينمائيا وتليفزيونيا وجسد العديد من الأدوار الرائعة والمحترمة، ويكفيه دوره الأشهر في فيلم “الحرافيش”، حينما جسد شخصية خضر الناجي الشاب الشهم الذي ينقذ رضوانة الفتاة الجميلة التي أدت دورها ليلى علوي، ووقعت في غرامه بعدها، ولكنه فضل الابتعاد عنها، خاصة بعد زواجها من شقيقه بكر الذي أدى دوره ممدوح عبد العليم.وإبراهيم الشرقاوي ذلك الفنان الموهوب الهادئ الرزين والمحترم، ظلم كثيرا وهو حي بتجاهله وتهميشه إعلاميا رغم إبداعه، كما تم ظلمه بعد موته بتجاهل خبر وفاته، حيث رحل في يوم 9 أغسطس الماضي عن عمر يناهز 72 عاما، بعد رحلة طويلة مع المرض، دامت ما يقرب من 15 عاما، عاش خلالها صابرا على شدة المرض، راضيا بما قسمه الله له، ولم تحظ وفاته بالاهتمام اللائق من قبل وسائل الإعلام، رغم أنه كان فنانا مبدعا، وتشهد أعماله له بذلك، وما يلفت الانتباه هنا هو أن الإعلام الذي لم يهتم بوفاته هو نفسه الإعلام الذي فرد مساحات كبيرة لحادث وفاة الفنان سناء شافع الذي توفي بعد وفاة الشرقاوي بثلاثة أيام، كما فرد مساحات أوسع لحادث وفاة الفنانة شويكار التي توفيت بعد الشرقاوي بخمسة أيام.
وقد ولد الفنان إبراهيم الشرقاوي في يوم 3 أبريل 1948 بالقاهرة لأب كان يعمل موظفا في هيئة النقل العام، وأسرة تمتد جذورها لمحافظة الشرقية، وكان هو الشقيق الأكبر لإخوته، والتحق الشرقاوي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج في الدفعة التي ضمت معه بعض نجوم فن التمثيل في مصر، من أمثال الفنانين فاروق الفيشاوي ومحمود مسعود ووجدي العربي وإبراهيم يسري وإسماعيل محمود، وفي بداياته شارك الشرقاوي في بعض الأعمال المسرحية، وكانت أولى المسرحيات التي شارك فيها “ملك يبحث عن وظيفة” مع الفنان حسن عابدين والتي أخرجها المخرج أحمد عبد الحليم، كما شارك في مسرحية “الملك لير” مع كل من الفنان يحيى الفخراني والفنان لطفي لبيب وعلى الجانب الآخر شارك إبراهيم الشرقاوي في أعمال تليفزيونية كثيرة خلال أواخر سبعينيات القرن الماضي، ولكنها للأسف الشديد لم تعرض في مصر في ذلك الوقت، لأنها كانت من إنتاج استديوهات عجمان ودبي واليونان، وقد بدأ يعرف في مصر ويلمع نجمه منذ قيامه بأداء دور محروس الشقيق الأصغر للفنانة فردوس عبد الحميد في مسلسل “الغربة”، وهو المسلسل الذي عرف واشتهر بمسلسل هراس، وقد عرض هذا المسلسل في سنة 1977، ومن أشهر المسلسلات التي شارك فيها “محمد رسول الله” و”بستان الشوك” و”العملاق” و”أديب” و”الوعد الحق” و”هند والدكتور نعمان” و”هارون الرشيد” و”أرابيسك”.وقد انتشر سينمائا خلال ثمانينيات القرن العشرين، ومن أشهر أفلامه “خلف أسوار الجامعة” و”الوحل” و”أسوار المدابغ” و”الدرب الأحمر” و”النمر والأنثى” و”المغتصبون” و”العوامة رقم 70″ و”الهلفوت””، ولكن يظل فيلم “الحرافيش” الذي شارك فيه مع كل من الفنان محمود ياسين وصفية العمري وليلى علوي وممدوح عبد العليم وصلاح قابيل هو أشهر أفلامه السينمائية، وجسد في هذا الفيلم شخصية خضر الناجي ابن الفتوة سليمان الناجي فتوة الحرافيش، والذي انتقم لوالده واعتلى عرش الفتونة في الحارة وهتف الحرفيش باسمه آخر الفيلم: “خضر الناجي اسم الله عليه”وكانت مشاكله الصحية قد بدأت منذ سنة 2005 عندما أصيب بمشاكل في الشرايين ثم مرض السكري، والذي أسفر عن بتر قدمه واستخدامه جهازا تعويضيا ليستطيع السير والحركة، ومن يومها وهو يلتزم بيته ولم يخرج منه، وهكذا عاش الفنان الراحل إبراهيم الشرقاوي آخر 15 سنة من حياته داخل بيته معتزلا الناس والدنيا كلها بعيدا عن الأضواء والشهرة كعادته، وكما عاش حياته في هدوء فقد رحل في صمت يوم 9 أغسطس 2020.