اللغة العَربية بشكلٍ عام هي مِن أقوى اللغات وأصعَبها في العالم؛ إذ تتحدّث شعوب العالم ما يقارب من 2650 لغة و7 آلاف لهجة محليّة، وتعدّ اللغة العربيّة أصعب لغات العالم وتليها الصينية.
تتميز اللغة العربيّة بأسلوبٍ جميل وأنيق في الكتابة؛ فلكل خط من الخطوط العربية شكل خاص فيه، وتاريخٌ ارتبط بنشأته، وممّا يميز الخط العربي عن غيره من الخطوط هو طريقة كتابته التي تعتمد على فنّ الرسم أكثر من الكتابة العادية المعروفة عند الناس، فيحرص الشخص الذي يتقن كتابة خطٍّ من الخطوط العربية على رسمه بأفضل الصور للدلالة على مدى جماله، ويُسمّى الشخص الذي يُتقن كتابة جميع الخطوط العربية بالخطاط.
تاريخ الخط العربي
العصر النبطي أثبتت الدّراسات أنّ أصل الخط العربي يعود إلى تطور الخط النبطي؛ إذ إنّه نتيجةٌ لتقدّم حضارة الأنباط من الناحية التجارية ظهرت حاجتهم الملحة للكتابة، فاستخدموا الحروف الآرامية في بادئ الأمر، ثم غيّروها تدريجياً إلى الكتابة النبطية التي خالفت الآرامية في ميلها للاستدارة، وشابهتها في التربيع، ثمّ ما لبثت أن ابتعدت عنها وصارت شبيهةً بالخط المستخدم في الجاهلية.
أخذ عرب الحجاز الخطّ عن الأنباط بسبب رحلاتهم المستمرّة إلى بلاد الشام وتفاعلهم المتواصل مع أهلها وتشاركهم في اللغة والديانات والمعتقدات.
عهد النبوة
كانت الكتابة مُنتشرةً في مكّة نتيجةً لأهميّتها التجارية؛ إذ كانوا قبل انتشار الإسلام يكتبون بالخط المكي، وبعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام اتخذ عليه السلام كتّاباً للوحي، منهم : أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وغيرهم، وأوّل من كتب للنبيّ عليه الصلاة والسلام بعد الهجرة هو أبيّ بن كعب، كما شجّع عليه الصلاة والسلام على تعلُم الكتابة بإطلاق سراح كلّ أسير من أسرى معركة بدر مقابل تعليمه الكتابة لغيره من المسلمين.
كان الخطّ المُستخدم في تلك الفترة هو الخط المدني والذي يتميز مع الخط المكي باعوجاج الألف، وميل الشكل؛ إذ إنّ الميل في الحروف أسهل وأسرع للكتابة، كما يتطلّب جهداً ووقتاً أقل مقارنةً بكتابة الحروف القائمة والتي تتطلّب جهداً ودقة ووقتاً أكبر.
عهد الخلفاء الراشدين
في عهد الخلفاء الراشدين كانت هناك أنواع مختلفة للكتابة، منها كتابة البرديّات والتي يُستخدم فيها الخط المدوّر للكتابة على البردى، والكتابات الحجريّة على الأحجار بخطٍ مستقيم وغليظ بلا ميل، بالإضافة إلى كتابة المصاحف؛ إذ أمر عُثمان بن عفان زيد بن ثابت بكتابة أربع نسخ من المصحف إلى كلٍّ من المدينة والبصرة والشام و الكوفة، كُتبت جميعها بالخط المدني دون استخدام حروفٍ مُنقّطة مما أدى إلى اختلاف الألفاظ وقراءة الآيات وفهمها على أكثر من وجه.
أنواع الخطوط العربية
تتعدّد أنواع الخطوط المستخدمة في اللغة العربية، ولكن بعضها اشتهرت أكثر من الأخرى، وساهم انتشارها في إيجاد أشخاصٍ يَحرصون على التدوين والكتابة بشكل مستمر، وتطوّرت الخطوط من خلال وضع النّقاط على الحروف، وظهور التشكيل لسهولة نطق الكلمات، ومن أهمّ الخطوط التي ما زالت مُستخدمةً حتى الآن: الخط الكوفي الخط الكوفي هو من أقدم الخُطوط العربية، ويعود أصله للعرب القاطنين في شمال الجزيرة العربية؛ إذ كانوا يستخدمون خطاً يُعرف بالخط النبطي، ثم أخذ أهل الحيرة والأنباط هذا الخط وطوّروه إلى نوع آخر سُمي بالخط الحيري أو الأنباري ومع تقدم الزمان تغيّر اسمه وأصبح يُسمى بالخط الكوفي.
اشتُهر هذا الخط في العصر العباسي؛ حيث أولوه اهتماماً فائقاً وأدخلوا عليه الفنون والزخارف، وذلك لتميزه بإمكانية إدخاله على الهندسات والزخارف مع بقاء الحروف على قاعدتها.
للخط الكوفي عدة أنواع منها: الكوفي البسيط، والكوفي المورق، والكوفي المزهر، والكوفي المضفر بالإضافة إلى الكوفي الهندسي.
خط النسخ
يعدّ خط النسخ أحد أشهر الخطوط، وسُمي بهذا الاسم بسبب استخدامه في نسخ الكتب والمراسلات، ومن المؤرّخين من قال إنه مرادف للخط الكوفي، ومنهم من قال بأنه أُخذ عن الخط الكوفي، وقد عُرف في عصور قبل الإسلام عن طريق استخدامه في بعض الكتابات مثل نقش حران عام 568، وازدهر خط النسخ في العصر العباسي نتيجة ازدهار حركة الترجمة والتأليف وحاجتهم للكثير من النُساخ، وبلغ أوجه في عهد المأمون وظهر عنه نوع جديد من الخطوط سُمي بالخط المحقق. من الخطاطين الذين برزوا في عهد المأمون الخطّاط إبراهيم الشجري، وأخوه يوسف الشجري اللذان قاما بابتكار نوع جديد من الخطوط مأخوذ عن خط النسخ، وهو ما سُميّ بخط الثلث.
كما ظهر عن خط النسخ صور أخرى من الخطوط مثل خط الثلث والطومار والتعليق والرقعة والديواني والطغراء.
الخط الديواني
يُسمى أيضاً بالخط الهمايوني، وابتُكر من قِبل الديوان الهمايوني السلطاني للحكومة العثمانية، وكان يُعدّ من أسرار القصر التي لا يعرفها إلا كاتبها.
وضع قواعده الخطّاط إبراهيم منيف بعد فتح القسطنطينية ببضع سنين، واستمرّ استخدامه مدةً من الزمن إلى أن استبدل العثمانيون الحروف العربية بأخرى لاتينية.
يتميّز الخط الديواني بالتواء حروفه، وله نوعان: الخط الديواني الجلي المُستخدم في الفرمانات ورسائل الدولة، والخط الديواني الجلي الزورقي المُستعمل في الصكوك والمستندات والعملات الورقية.
خط الرُّقعة
يتميّز باستقامة حروفه وقصرها، وبأنّه لا يَحتمل التشكيل ولا التركيب بالإضافة إلى سهولة قراءته، وسميّ بهذا الاسم نسبةً لقطعةٍ الورق التي يُكتب عليها، وضع قواعده ممتاز بك المستشار في عهد السلطان عبد المجيد خان، وكان موقع خط الرقعة يتوسط الخط الديواني وخط سياقت.
انتشر هذا الخطّ في عهد الدولة العثمانية، ومن السلاطين الذين كتبوا به السلطان سليمان القانوني وعبد الحميد الأول.
خط الثُلث
يعد من الخطوط الصعبة في الكتابة؛ وهو أشهر أنواع الخط النسخي، وسُمّي بهذا الاسم لأنه يُكتب بسُمكٍ يُساوي ثلث قطر القلم. اشتهر في أواخر الدولة الأموية على يد قطبة المُحرّر، وطوّره إبراهيم الشجري.
لأقلام خط الثلث نوعان: قلم الثلث الثقيل، وقلم الثلث الخفيف.
الخط الأندلسي
هو أحد أنواع الخط الكوفي، ظهر في عَصر بني أمية، ويمتاز باستدارة حروفه بشكل كبير، وميله للتقوس أكثر من الاستقامة .